باب ما جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد الحاجة أبعد في المذهب
عن المغيرة بن شعبة، قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم حاجته، فأبعد في المذهب، وفي الباب عن عبد الرحمن بن أبي قراد، وأبي قتادة، وجابر، ويحيى بن عبيد، عن أبيه، وأبي موسى، وابن عباس، وبلال بن الحارث. هذا حديث حسن صحيح
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أشدَّ الناسِ حياءً، وتَخلُّقًا بمكارمِ الأخلاقِ، ومن ذلك أنَّه كان يُبالغُ في الذَّهابِ والبُعد عن أعيُنِ النَّاس عندَ ذهابِه للخَلاءِ طالِبًا لِمزيدٍ منَ السَّترِ.
وفي هذا الحديث يُخبرُ المغيرةُ بنُ شُعبةَ رضي اللهُ عنه: "أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان إذا ذَهب المَذهبَ"، أي: موضِعَ الخلاءِ وقَضاءِ الحاجةِ، "أبعَدَ"، أي: بَعُدَ حتَّى يَتوارى عن الأنظارِ. قال المغيرةُ رضِيَ اللهُ عنه: "فذَهب"، أي: النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ذات مرَّةٍ وهو مَعه، "لحاجتِه"، أي: ذَهب لِقَضاءِ حاجتِه، "وهو في بَعضِ أسفارِهِ، فقال"، أيِ: النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم للمُغيرةِ: "ائتِني بوَضوءٍ"، أي: بماءٍ لِيَتوضَّأ، "فأتيتُه بِوَضوءٍ، فتوَضَّأ، ومَسح على الخفَّيْنِ"، أي: لم يَنزِعْ خفَّيْه واكتفى بالمَسحِ عليهما عَقْبَ قَضاءِ حاجتِه.
وفي الحديثِ: البُعدُ عن أعيُنِ النَّاسِ عندَ قضاءِ الحاجةِ بولًا أو غائطًا؛ احترامًا لهم وإبعادًا للأذى عَنهُم، وراحةً لِقاضي الحاجةِ؛ لأنَّه مع قُربِه منهم يَمنعُه الحياءُ مِن إخراجِ رِيحٍ ونَحوِه.
وفيه: مَشروعيَّةُ الاستعانةِ بالغَيرِ في إحضارِ ماءِ الوضوءِ، وخِدمةِ الأكابرِ.