باب ما جاء أن مفتاح الصلاة الطهور
عن علي، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم». هذا الحديث أصح شيء في هذا الباب وأحسن. وعبد الله بن محمد بن عقيل هو صدوق، وقد تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه. وسمعت محمد بن إسماعيل، يقول: كان أحمد بن حنبل، وإسحاق بن إبراهيم، والحميدي، يحتجون بحديث عبد الله بن محمد بن عقيل، قال محمد: وهو مقارب الحديث. وفي الباب عن جابر، وأبي سعيد
للصَّلاةِ أرْكانٌ وواجِباتٌ وسُنَنٌ وآدابٌ، وعلى كُلِّ مُسلِمٍ أنْ يُلِمَّ بها، ويَأتيَ بها على أكمَلِ وَجهٍ في كُلِّ صَلاةٍ ما استَطاعَ، وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "مِفْتاحُ الصَّلاةِ الطُّهورُ"، والمَعْنى أنَّ الأصْلَ في الصَّلاةِ أنْ يكونَ المُسلِمُ على طَهارةٍ، إمَّا مِن الحَدَثِ الأكبَرِ بالغُسلِ، أوِ الحَدَثِ الأصغَرِ بالوُضوءِ، وأنَّ الفِعلَ الَّذي يَجعَلُ المرءَ على استِعْدادٍ للدُّخولِ في الصَّلاةِ هو الوُضوءُ، فكأنَّه المِفْتاحُ الَّذي بدونِهِ لن يُفتَحَ البابُ، فكذلِكَ لَن يَدخُلَ أحَدٌ الصَّلاةَ إلَّا إذا توضَّأَ ما لم يمنَعْهُ مانِعٌ شرعيٌّ يَرفَعُ عنه الوُضوءَ، ويُجزِئُ عنه التَّيمُّمُ في حالاتِ فِقْدانِ الماءِ أو عَدَمِ استِطاعةِ الوُضوءِ.
"وتَحْريمُها التَّكْبيرُ"، فيكونُ الشُّروعُ فيها والبَدْءُ بتَكْبيرةِ الإحْرامِ، وهي التَّكبيرةُ الأُولى في الصَّلاةِ؛ وسُمِّيتْ بذلك؛ لأنَّها تُحرِّمُ كلَّ شيءٍ ليس مِن الصَّلاةِ أنْ يُفعَلَ بها؛ مِن كَلامٍ، وأكْلٍ، وشُربٍ، وغيرِ ذلك.
"وتَحْليلُها التَّسْليمُ" بمَعْنى أنَّ الانتِهاءَ والانصِرافَ منها يكونُ بالتَّسْليمِ؛ ليَحِلَّ بذلك للمُسلِمِ ما قد مُنِعَ عنه في الصَّلاةِ.
"ولا صَلاةَ لِمَنْ لم يَقرَأْ بالحَمدُ وسُورةٍ، في فَريضةٍ أو غَيرِها"، فلا تَصِحُّ الصَّلاةُ إلَّا أنْ يَقرَأَ المُصلِّي في كُلِّ رَكْعةٍ منها سُورةَ الفاتِحةِ، وما تيسَّرَ مِن قِراءةِ القُرآنِ بعدَ الفاتِحةِ، سَواءٌ كانتِ الصَّلاةُ فَريضةً أو في تطوُّعِ نافِلةٍ.
وظاهِرُ هذا الحَديثِ يُوجِبُ القِراءةَ بعدَ الفاتِحةِ؛ وهو مُعارَضٌ بما هو ثابِتٌ في الصَّحيحِ: أنَّ الفاتِحةَ تَكْفي عن غَيرِها، ولكنْ غيرُها لا يَكْفي عنها في الصَّلاةِ؛ فقد ثبَتَ في الصَّحيحَينِ عن أبي هُرَيرةَ رضِيَ اللهُ عنه أنَّه قالَ: "في كُلِّ صَلاةٍ يُقرَأُ، فما أسْمَعَنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أسْمَعْناكُم، وما أخْفَى عنا أخْفَيْنا عنكم، وإنْ لم تَزِدْ على أُمِّ القُرآنِ أجْزَأَتْ، وإن زِدْتَ فهو خيرٌ"
وفي الحَديثِ: بَيانُ أهميَّةِ الصَّلاةِ، وأنَّها مِن أعظَمِ أسْبابِ دُخولِ الجَنَّةِ .