‌‌باب ما جاء أن ناركم هذه جزء من سبعين جزءا من نار جهنم1

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء أن ناركم هذه جزء من سبعين جزءا من نار جهنم1

حدثنا سويد قال: أخبرنا عبد الله قال: أخبرنا معمر، عن همام بن منبه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ناركم هذه التي يوقد بنو آدم جزء واحد من سبعين جزءا من حر جهنم»، قالوا: والله إن كانت لكافية يا رسول الله، قال: «فإنها فضلت بتسعة وستين جزءا كلهن مثل حرها»: " هذا حديث حسن صحيح، وهمام بن منبه هو: أخو وهب بن منبه، وقد روى عنه وهب "

كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَصِفُ الجنَّةَ تَرغيبًا فيها، ويَصِفُ النَّارَ تَرهيبًا منها، فيَحصُلُ بذلك التَّبشيرُ والتَّحذيرُ.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُنا رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن وَصْفِ النَّارِ، وأنَّ نِسبةَ الطَّاقةِ الحراريَّةِ الموجودةِ في نارِ الدُّنيا كنِسبةِ جُزءٍ إلى سَبعينَ جُزءًا مِن حَرارةِ نارِ جَهنَّمَ، والمرادُ المبالَغةُ في الكثرةِ، لا العددُ الخاصُّ الَّذي هو سَبْعونَ جُزءًا فقطْ، فلمَّا سَمِع ذلك بَعضُ الصَّحابةِ رَضيَ اللهُ عنهم قال: «يا رَسولَ اللهِ، إنْ كانتْ لَكافيةً»، أي: إنَّ نارَ الدُّنيا كانتْ كافيةً في الإحراقِ، مُجزِئةً في الإيلامِ؛ فهي تُحرِقُ الجَمادَ، فضْلًا عن الأجسامِ البَشريَّةِ، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «فُضِّلَتْ عليهنَّ بتِسعةٍ وستِّينَ جُزءًا»، فنارُ الآخِرة تَزيدُ قوَّةُ حَرارتِها عن حَرارةِ نارِ الدُّنيا بتِسعةٍ وستِّينَ جُزءًا، كلُّ جُزءٍ منها يُعادِلُ حَرارةَ نارِ الدُّنيا كلِّها، بحيث إنَّه لو جُمِعَ حَطَبُ الدُّنيا وكلُّ وَقودِها، وأُوقِدَ كلُّه حتَّى صار نارًا؛ لَكان الجزءُ الواحدُ مِن أجزاءِ نارِ جَهنَّمَ -الذي هو سَبعونَ جُزءًا- أشَدَّ منه.
وفي الحديثِ: أنَّ النارَ مَخلوقةٌ وموجودةٌ الآنَ، وبيانُ عِظَمِ نارِها وحَرارتِها، أجارَنا اللهُ تعالَى منها.
وفيه: تَحذيرٌ مِن النَّارِ ليَبعُدَ النَّاسُ عن الأعمالِ الموصِلةِ إليها.