باب ما جاء أن يمكث المهاجر بمكة بعد الصدر ثلاثا
سنن الترمذى
حدثنا أحمد بن منيع قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن عبد الرحمن بن حميد، سمع السائب بن يزيد، عن العلاء بن الحضرمي يعني مرفوعا، قال: «يمكث المهاجر بعد قضاء نسكه بمكة ثلاثا»: هذا حديث حسن صحيح، وقد روي من غير هذا الوجه بهذا الإسناد مرفوعا
كانتِ الهجرةُ مِن مكَّةَ إلى المدينةِ خُروجًا في سبيلِ اللهِ، وهِجرةً إلى رسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وقد جعَل اللهُ أجرَها عَظيمًا للمُهاجِرين، وقد أُمِرَ المهاجِرون ألَّا يُقيموا في مَكَّةَ بعد فتْحِها؛ إتمامًا لهجرتِهم؛ ففي هذا الحديثِ يَقولُ عبدُ الرَّحمنُ بنُ حُمَيْدٍ: "إنَّ عُمرَ بنَ عبدِ العزيزِ، يَسأَلُ السَّائِبَ بنَ يَزيدَ- وكان مِن صَحابةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: هل سَمعْتَ في الإقامةِ بمكَّةَ شيئًا؟"، أي: لِمَن هاجَر مِنها قبلَ الفتحِ، وكان حَرُم عليهِم استيطانُ مكَّةَ والإقامةُ بها، قال: أخبَرني ابنُ الحَضرميِّ- وهو خالُه واسمُه: العلاءُ- أنَّه سَمِع رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ للمُهاجِرين: "إقامةٌ بعدَ الصَّدرِ ثلاثًا"، أي: رخَّص النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ للمهاجرين في الإقامةِ بمكَّةَ بعدَ الصَّدرِ؛ والمرادُ بالصَّدْرِ: الانتهاءُ مِن أعمالِ الحجِّ ومَناسكِه، فلا يَصِحُّ للمُهاجرِ أن يَظَلَّ في مكَّةَ أكثرَ مِن ثلاثةِ أيَّامٍ؛ لأنَّ الانتظارَ أكثرَ مِن ذلك يُشبِهُ الإقامةَ فيها دونَ عُذرٍ شرعيٍّ، والمهاجِرُ مأمورٌ ألَّا يُقيمَ في البلَدِ التي هاجَر منها؛ وهي مكَّةُ؛ قيل: وذلك لأنَّ المحافظةَ على الهجرةِ وفَضْلِها أفضلُ مِن الإقامةِ في مكَّةَ.