باب ما جاء فى التعرى

باب ما جاء فى التعرى

حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم حدثنا ابن أبى فديك عن الضحاك بن عثمان عن زيد بن أسلم عن عبد الرحمن بن أبى سعيد الخدرى عن أبيه عن النبى -صلى الله عليه وسلم- قال « لا ينظر الرجل إلى عرية الرجل ولا المرأة إلى عرية المرأة ولا يفضى الرجل إلى الرجل فى ثوب واحد ولا تفضى المرأة إلى المرأة فى ثوب ».

لقد سدت الشريعة كل الذرائع المؤدية إلى الوقوع في الحرام، ورسمت للبشرية المثل العليا، والطريق القويم للحياة الدنيوية والأخروية، لأجل ذلك جاء الأمر بغض البصر والنهي عن النظر إلى العورات؛ لأن ذلك قد يؤدي إلى ارتكاب الفواحش
وفي هذا الحديث نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن ينظر الرجل إلى عورة الرجل، أو تنظر المرأة إلى عورة المرأة، وهذا فيه أمران، الأول: الأمر بستر العورة، والثاني: الأمر بغض البصر، وقد عفا الله عن النظرة الأولى التي تقع على المحرم عفوا ودون قصد، وبدافع الحاجة إلى تمييز الطريق وإمكان المشي والحركة. ومحل النهي عن النظر إلى العورة ومباشرتها: إذا لم تكن حاجة، أما إذا كانت حاجة شرعية فيجوز النظر، كالتطبب ونحوه، على أن يكون النظر على قدر الحاجة وبغير شهوة كذلك. وأيضا فإن النهي في غير ذات الأزواج، أما الزوجان فلكل واحد منهما النظر إلى عورة صاحبه جميعها، والنهي أوكد في نظر الرجل لعورة المرأة، والعكس
وفي رواية مكان «عورة»: «عرية الرجل، وعرية المرأة»، وهما بمعنى واحد، والعورة: هي كل ما يستحيا منه إذا ظهر، وهي من الرجل ما بين السرة والركبة، ومن المرأة الحرة جميع الجسد، وقيل: عدا الوجه واليدين
ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أن يفضي الرجل إلى الرجل في الثوب الواحد، وأن تفضي المرأة إلى المرأة في الثوب الواحد، أي: لا يخلو أحدهما إلى الآخر في ثوب أو تحت غطاء واحد متجردين، واقعا تلامس بين البشرتين، والمعنى: أنه لا تصل بشرة أحدهما إلى بشرة الآخر في أي صورة كانت؛ لأن ذلك قد يؤدي إلى لمس كل منهما عورة صاحبه، ولمسها منهي عنه كالنظر إليها، بل هو أشد في النهي؛ لما يؤدي ذلك إلى مفاسد أكبر
وخص النهي بالرجال مع الرجال والنساء مع النساء؛ لأنه ربما ظن البعض أن الرجال مع الرجال أو النساء مع النساء - أدعى للنظر وكشف العورات؛ وعليه فإن عورة الإنسان يجب سترها عن كل أجنبي، رجلا كان أو امرأة، إلا فيما استثناه الشرع بالتخفيف كالمحارم