باب مبدإ فرض الصيام
حدثنا نصر بن على بن نصر الجهضمى أخبرنا أبو أحمد أخبرنا إسرائيل عن إسحاق عن البراء قال كان الرجل إذا صام فنام لم يأكل إلى مثلها وإن صرمة بن قيس الأنصارى أتى امرأته وكان صائما فقال عندك شىء قالت لا لعلى أذهب فأطلب لك شيئا. فذهبت وغلبته عينه فجاءت فقالت خيبة لك. فلم ينتصف النهار حتى غشى عليه وكان يعمل يومه فى أرضه فذكر ذلك للنبى -صلى الله عليه وسلم- فنزلت (أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم) قرأ إلى قوله (من الفجر ).
شاء الله عز وجل بحكمته ألا ينزل القرآن جملة واحدة، بل أنزله منجما وفق التدرج الذي أراده سبحانه في بناء المجتمع المسلم الوليد وتربيته، وقد أنزله معالجا لما يطرأ من مشكلات، وما يستجد من أحداث
وفي هذا الحديث يحكي البراء بن عازب رضي الله عنه أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا في أول ما افترض الصيام إذا كان الرجل صائما، فحضر وقت الإفطار، فنام قبل أن يفطر؛ لم يأكل هذه الليلة ولا اليوم الذي يليها حتى أذان المغرب؛ فالفطر إنما يباح له من وقت المغرب إلى وقت نومه فقط، وهكذا، فإن نام عن فطره فإنه يواصل صومه ويفطر في اليوم الثاني، وكذلك الجماع
وأخبر أن قيس بن صرمة الأنصاري رضي الله عنه كان صائما، فلما حضر وقت الإفطار جاء إلى امرأته، فسألها عن طعام له، فردت عليه بأنه ليس عندها شيء، واستأذنته أن تذهب فتأتي له بما يتيسر الحصول عليه، فغلبته عيناه حال انتظاره لها، فنام لتعبه من عمل يومه، فلما جاءت امرأته رأته نائما، فقالت: «خيبة لك!» أي: حرمانا لك، وهي كلمة تقال إذا لم ينل الإنسان ما يطلبه. فلم يأكل قيس رضي الله عنه شيئا وأصبح صائما، فلما انتصف النهار غشي عليه، وسقط على الأرض، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فنزلت هذه الآية بتمامها: {أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم} [البقرة: 187]، أي: أبيح لكم في ليالي الصيام مجامعة نسائكم، {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود} فأباح الله لهم أيضا أن يأكلوا ويشربوا في جميع أوقات الليل، حتى يتضح بياض النهار من سواد الليل، فحينها يجب عليهم الإمساك عن الأكل والشرب والجماع إلى غروب الشمس. ففرح الصحابة رضي الله عنهم بذلك فرحا شديدا