حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد أخبرنا ثابت وقتادة وحميد عن أنس بن مالك ذكر هذا الحديث قال أنس فلقد رأيت أحدهم يكدم الأرض بفيه عطشا حتى ماتوا.
هذا الحديثُ مُختصَرٌ من حديثٍ آخرَ، وفيهِ: أنَّ قَومًا مِن عُرَينةَ كانوا قد قَدِموا على رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّم يَطلُبونَ التَّداوي والإطعامَ لِمَا أصابَهم وقتَ وُجودِهم في المدينةِ، فطلبَ منهُم رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّم أن يَخرجوا في الإبلِ معَ راعِيهِ فيَشربوا مِن ألبانِها وأبوالِها، فلمَّا صحُّوا واشتدُّوا قَتلوا رَاعيَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّم، وقدْ وردَ أنَّهم قَطعوا يدَيهِ ورِجلَيهِ، وغَرزُوا الشَّوكَ في عَينَيهِ حتى ماتَ، واستَاقُوا الإبلَ؛ فأرسلَ النبيُّ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّم في آثارِهمْ وطلَبِهم، حتَّى جِيءَ بهم، فقُطِعتْ أيدِيهم، وأرجُلُهم، وسُمِّرتْ أعينُهم، أي: فُقِئت، وأُلقوا في الحرَّةِ، أي: في صَحراءِ المدينةِ يَستسْقونَ، فلا يُسقوْنَ، أي: يَطلبونَ السُّقيا والماءَ فلا يُسمَح لهم ولا يُعطوَن ذلكَ.
وهنا يقولُ عنهم أنسُ بنُ مالكٍ رضيَ الله عَنه: "فلَقدْ رأيتُ أحدَهم يَكْدِمُ الأرضَ بفِيهِ عَطشًا حتى ماتوا"، أي: يَعَضُّ الحَصى من شِدَّةِ العَطشِ؛ وذلكَ أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّم جازَاهم مِن جِنسِ عَملِهم.