حدثنا حسين بن على بن الأسود أن يحيى بن آدم حدثهم عن أبى شهاب عن يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار أنه سمع نفرا من أصحاب النبى -صلى الله عليه وسلم- قالوا فذكر هذا الحديث قال فكان النصف سهام المسلمين وسهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعزل النصف للمسلمين لما ينوبه من الأمور والنوائب.
كان لفتْحِ خيبَرَ أثَرٌ عظيمٌ على المسلِمين مِن النَّاحيَةِ المادِّيَّةِ والمعنويَّةِ؛ فكانت فرَجًا مِن اللهِ لهم بعدَ عُسْرٍ
وفي هذا الحَديثِ يقولُ سهلُ بنُ أبي حَثْمةَ الأنصاريُّ رضِيَ اللهُ عنه: "قَسَم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم خيبَرَ نِصْفين؛ نِصفًا لنوائبِه"، أي: جعَل النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم نِصْفًا لِنَوائبِه، وهِي ما يَنزِلُ بهِ مِن النَّوازِلِ والحوادِثِ، "وحاجتِه" وهي عُمومُ حاجِيَاتِه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم؛ مِن نفقَةِ أبْياتِه وغيرِها، "ونِصْفًا بينَ المُسلِمين"، يَعني: والنِّصفُ الآخَرُ جعَلَه صلَّى الله عليه وسلَّم بين المسلِمين، "قَسَمَها بينَهم على ثَمانيةَ عشَرَ سهمًا"، أي: قسَمَ حيبرَ كلَّها على سِتَّةٍ وثَلاثين سَهمًا؛ فكان نِصفُ المسلِمينَ ثَمانيةَ عشَرَ سَهمًا
وفي صَحيحِ مُسلمٍ عن أنسٍ رضِيَ اللهُ عنه قال عن خَيبرَ: "وأصَبْناها عَنْوَةً، وجُمِعَ السَّبيُ"، وظاهرُه أنَّ خَيبرَ كلَّها فُتِحتْ عَنوةً، فاختُلِفَ في فتْحِ خَيبرَ؛ هل فُتِحتْ عَنوةً أو صُلحًا، أو تَخلَّى أهلُها عنها بغيرِ قِتالٍ، أو بَعضُها فُتِحَ صُلحًا وبَعضُها عَنوةً، وبعضُها أُجلِيَ عنها أهلُها رُعبًا، وهذا هو الأقربُ، وعليه مدارُ السُّنن الواردةِ في ذلك، وبه يَندفِعُ التعارُضُ بينَ الأحاديثِ في ذلك؛ وبيانُ ذلك: أنَّ خَيبرَ كان لها قُرًى وضِياعٌ خارجةٌ عنها؛ فكان بعضُها مغنومًا، وهي ما غَلَب عليه رَسُولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم والمسلِمون، وكان سبيلُها القَسْمَ بين المقاتِلين الغانِمين وأهلِ الحُديبيَّة، وكان بَعضُها ممَّا لم يُوجَفْ عليه بخيلٍ ولا رِكابٍ، فكان خالصًا لرسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم يَضعُه حيثُ أراه اللهُ مِن حاجتِه ونوائبِه، ومصالِح المسلِمينَ، فنَظرُوا إلى مبلغِ ذلك فاستوتِ القسمةُ فيها على النِّصف؛ فالنِّصفُ المقسومُ مِن خَيبرَ مأخوذٌ عَنوةً، والنِّصفُ الذي لم يُقسَمْ مأخوذٌ صلحًا، أو أُجلِيَ عنها أهلُها