باب ما جاء في أسماء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقول الله عز وجل 1

بطاقات دعوية

باب ما جاء في أسماء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقول الله عز وجل 1

عن جبير بن مطعم رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " [إن 6/ 62] لي خمسة أسماء؛ أنا محمد، وأحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب".

 

تَعدَّدَت صِفاتُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأسْماؤُه الَّتي يُعرَفُ بها في الأُممِ السَّابِقةِ وفي أُمَّتِه، وهي أسْماءٌ سمَّاهُ اللهُ سُبحانَه بها، ولها دَلالاتٌ.
وفي هذا الحَديثِ أخبَرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّ له خَمسةَ أسْماءٍ؛ فهو «محمَّدٌ»، وهو اسمٌ عَلَمٌ عليه، وهو صِفةٌ مَعْناها: المَوصوفُ بالمَحامِدِ الكَثيرةِ العَظيمةِ، المَحمودُ مِن اللهِ عزَّ وجلَّ مرَّةً بعْدَ أُخْرى.
وهو «أحمَدُ»، وهو علَمٌ مَنقولٌ مِن صِفةِ أفضَلِ التَّفْضيلِ المُنبِئةِ عن الانتِهاءِ إلى غايةٍ لَيس وَراءَها مُنتَهًى، فهو صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أحمَدُ الحامِدينَ للهِ تعالَى؛ لمَا في الصَّحيحَينِ: أنَّه يُفتَحُ عليه في المَقامِ المَحمودِ بمَحامِدَ لم يُفتَحْ بها على أحدٍ قبْلَه، هذا على أنَّه بمَعْنى الفاعلِ، وقيلَ: «أحمَدُ» بمَعنى المَفعولِ، أي: أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أحقُّ النَّاسِ بالثَّناءِ والحَمدِ.
وهو «الماحي»، أي: الَّذي يَمْحو اللهُ تعالَى به الكُفرَ، والمُرادُ: مَحوُ الكُفرِ من مكَّةَ والمَدينةِ وسائرِ بِلادِ العَرَبِ، وما زُويَ له صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن الأرضِ، ووُعِدَ أنْ يَبلُغَه مُلكُ أُمَّتِه، ويَحتمِلُ أنَّ المُرادَ: المَحوُ العامُّ، بمَعنى الظُّهورِ بالحُجَّةِ والغَلَبةِ، كما قال تعالَى: {لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} [التوبة: 33]، أو هو الَّذي مُحِيَت به سيِّئاتُ مَنِ اتَّبعَه؛ فقدْ يكونُ المُرادُ بمَحوِ الكُفرِ هذا؛ لأنَّ الإسْلامَ يَهدِمُ ما كان قبْلَه.
وهو «الحاشِرُ الَّذي يُحشَرُ النَّاسُ على عَقِبِه»، أي: على أثَرِه وبعْدَه؛ لأنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُحشَرُ قبْلَ النَّاسِ،  وقيلَ: المُرادُ أنَّه يُحشَرُ أوَّلَ النَّاسِ يومَ القيامةِ.
وهو «العاقِبُ»؛ لأنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ جاء عَقِبَ الأنْبياءِ، فكان خاتَمَهم.
وأسْماؤُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كما سمَّاه اللهُ تعالَى: أعْلامٌ دالَّةٌ على أوْصافِ مَدْحٍ؛ فمُحمَّدٌ صفةٌ في حقِّه، وإنْ كان علَمًا مَحضًا في حقِّ غَيرِه.
ولا يُفيدُ الحديثُ أنَّ أسْماءَه تَنحصِرُ في خَمسةِ أسْماءٍ فقطْ؛ فإنَّ له أسْماءً غيرَها، وإنَّما المُرادُ بقولِه: «لي خَمسةُ أسْماءٍ» أنَّ هذه الخَمسةَ هي أسْماؤُه المَشهورةُ في الأُممِ الماضيةِ المَذْكورةِ في الكُتبِ السَّابِقةِ.
وقدْ دلَّ بعضُ هذه الأسْماءِ على أنَّ دِينَ الإسْلامِ هو الدِّينُ الغالِبُ المُهَيمِنُ على جَميعِ الأدْيانِ، النَّاسخُ لشَرائعِها بشَرائعِه، ولأحْكامِها بأحْكامِه، وأنَّه الدِّينُ الخالِدُ الباقي إلى يومِ القيامةِ.