باب ما جاء في أن الصلاة كفارة 1
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ونصر بن علي قالا: حدثنا وكيع، حدثنا مسعر، وسفيان، عن عثمان بن المغيرة الثقفي، عن علي بن ربيعة الوالبي، عن أسماء بن الحكم الفزاري
عن علي بن أبي طالب، قال: كنت إذا سمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديثا، ينفعني الله بما شاء منه، وإذا حدثني عنه غيره استحلفته، فإذا حلف صدقته، وإن أبا بكر حدثني وصدق أبو بكر، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما من رجل يذنب ذنبا، فيتوضأ فيحسن الوضوء، ثم يصلي ركعتين -وقال مسعر: ثم يصلي- فيستغفر الله، إلا غفر الله له" (3).
مِن مَعالمِ الإيمانِ الاستِغفارُ والتوبةُ والنَّدمُ والإقْلاعُ عنِ الذَّنبِ، والعَزمُ على عدم العودةِ إليه، وفي ذلك يُخبِرُ عليُّ بنُ أبي طالبٍ رضيَ اللهُ عنه أنَّه كانَ إذا سمِعَ حديثًا مِن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم نفَعه اللهُ بهِ ما شاءَ أن ينفَعَه، وإذا ما أخذَ الحديثَ عن أحدٍ مِن أصْحابِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، عَن النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم استَحْلفَه عَليه، أي جَعلَه يُقسِمُ أنَّ الحديثَ الذي يُحدِّث بهِ أنَّه سمِعَه مِن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، فإذا حلَفَ له صدَّقه، وهذا مِن بابِ زِيادةِ التوثُّقِ والتأكُّد وليسَ مِن باب التَّكذيبِ للصَّحابةِ، وقدْ حدَّثه أبو بكرٍ رضيَ الله عَنه حديثًا دُونَ حلِفٍ.
يقولُ عليٌّ في تَحديثِ أَبي بكرٍ له: وصدَقَ أبو بَكرٍ رضيَ الله عَنه، أي: في تَحديثِه له دُونَ حلِفٍ، وهذِه مَنقبةٌ لأَبي بَكرٍ رضِيَ اللهُ عنه، يقولُ أبو بكر في حديثِه الذي حدَّثه بهِ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: ما مِن عَبدٍ يُذنِبُ ذَنبًا، أي: يرتَكِبُ ذنبًا صغيرًا كانَ أو كبيرًا، فيُحسن الطُّهورَ، أي: فيُحسنُ الوُضوءَ، ثم يقومُ فيصلِّي رَكعتَينِ، أي: تكونُ الرَّكعتانِ بِنيَّةِ التوبةِ عن ذَنبهِ هذا، ثم يَستغفِرُ اللهَ، أي: لذلكَ الذنبِ، إلَّا غَفر اللهُ له، أي: إلَّا كانَ حقًّا على اللهِ أنْ يغفِرَ ذنبَه هذا الذي مِن أجلِه تطهَّرَ ثم قامَ فصلَّى ثم استغْفرَ الله مِنه. ثم قرأَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم قولَه تَعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: 135].
وفي الحديث: استحلافُ المُخبِرِ بشيءٍ؛ لزيادة التوثُّق.
وفيه: تَعظيمُ عليٍّ لأبي بَكرٍ الصِّدِّيقِ رضِيَ اللهُ عنهما.