باب ما جاء في أهل الذمة يغزون مع المسلمين هل يسهم لهم؟2
سنن الترمذى
حدثنا أبو سعيد الأشج قال: حدثنا حفص بن غياث قال: حدثنا بريد بن عبد الله بن أبي بردة، عن جده أبي بردة، عن أبي موسى قال: «قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفر من الأشعريين خيبر، فأسهم لنا مع الذين افتتحوها» هذا حديث حسن صحيح غريب، والعمل على هذا عند بعض أهل العلم قال الأوزاعي: من لحق بالمسلمين قبل أن يسهم للخيل أسهم له وبريد يكنى أبا بردة وهو ثقة، وروى عنه سفيان الثوري، وابن عيينة، وغيرهما
كان فتحُ خيبرَ له أثرٌ عظيمٌ على جَميعِ الصَّحابةِ ممَّن حضَر الغزوةَ، ومَن لم يَحضُرْها.
وفي هذا الحديثِ يقولُ أبو موسى رضِيَ اللهُ عَنه: "قَدِمتُ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في نفَرٍ مِن الأشعَريِّين"، وهُم مِن أهلِ اليمَنِ، "خَيبرَ"، هو مكانٌ على ثَمانيةِ بُردٍ مِن المدينةِ مِن جهةِ الشَّامِ، وهي (173 كم تَقريبًا)، وكانتْ غزوةُ خيبرَ في السَّنةِ السَّابعةِ مِن الهجرةِ بينَ المسلِمين واليهودِ، "فأَسْهَم لنا مع الَّذين افتَتَحوها"؛ قيل: أعطاهم لأنَّهم وصَلوا قبلَ القِسمةِ، وقيل: إنَّ هذا خاصٌّ بخَيبَرَ، وليس حُكمًا عامًّا في قِسمةِ الغنائمِ.
واستَدلَّ بهذا مَن قال: إنَّه يُسهَمُ لِمَن حضَر بعدَ الفتحِ قبلَ قِسْمةِ الغنيمةِ، وقيل: يَحتمِلُ أن يكونَ إنَّما أعطاهم مِن جميعِ الغنيمةِ؛ لكونِهم وصَلوا قبلَ القسمةِ وبعدَ حَوْزِها، وقيل: لم يَقسِمِ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في غيرِ مَن شهِدَ الوقعةَ إلَّا في خيبرَ؛ فهي مُستَثناةٌ مِن ذلك، فلا تُجعَلُ أصلًا يُقاسُ عليه؛ فإنَّه قسَم لأصحابِ السَّفينةِ القادِمين مِن الحبَشةِ؛ لِشدَّةِ حاجَتِهم، وكذلك أعطى الأنصارَ عِوَضَ ما كانوا أعطَوُا المهاجرين عندَ قُدومِهم عليهم، وقيل أيضًا: يَحتمِلُ أن يكونَ استَطابَ أنفُسَ أَهلِ الغَنيمةِ بما أعْطَى الأشعَريِّين وغيرَهم، وممَّا يؤيِّدُ أنَّه لا نَصيبَ لِمَن جاء بعدَ الفراغِ مِن القِتالِ ما رُوي أنَّ: "الغنيمةَ لِمَن شَهِد الوقعةَ".
وفي الحديثِ: فَضيلةٌ ومنقبةٌ ظاهرةٌ للأشعريِّين.