باب ما جاء في أين يقوم الإمام إذا صلى على الجنازة 2
سنن ابن ماجه
حدثنا نصر بن علي الجهضمي، حدثنا سعيد بن عامر، عن همام، عن أبي غالب، قال:
رأيت أنس بن مالك صلى على جنازة رجل، فقام حيال رأسه، فجيء بجنازة أخرى، فقالوا: يا أبا حمزة صل عليها، فقام حيال وسط السرير، فقال العلاء بن زياد: يا أبا حمزة، هكذا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام من الجنازة مقامك من الرجل، وقام من المرأة مقامك من المرأة؟ قال: نعم. فأقبل علينا، فقال: احفظوا (1).
كان التَّابعونُ رَحِمهم اللهُ يَرْقُبون الصَّحابةَ رَضِي اللهُ عَنهم بقَصْدِ تَعلُّمِ سُنَّةِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، ومِن ثَمَّ يُبلِّغونها لِمَن بَعدَهم.
وفي هذا الحديثِ عن أبي غالِبٍ الباهليِّ، قال: "رأيتُ أنَسَ بنَ مالكٍ صلَّى على جِنازةِ رجُلٍ، فقام حِيالَ رأسِه"، أي: وقَف مُقابِلَ رأسِه، "فجِيءَ بجِنازةٍ أخرى بامرأةٍ، فقالوا: يا أبا حمزةَ، صَلِّ عليها، فقامَ حِيالَ وسَطِ السَّريرِ"، أيْ: وقَف مُقابِلَ وسَطِ النَّعشِ أو الخشَبةِ الَّتي عليها المرأةُ المتوفَّاةُ، "فقال العَلاءُ بنُ زيادٍ لأنسٍ: "يا أبا حَمزةَ، هَكذا رأيتَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم قام مِن الجنازةِ مَقامَك مِن الرَّجلِ، وقام مِن المرأةِ مَقامَك مِن المرأةِ؟"، أي: هل هذا مِن فِعْلِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم؟ فقال أنسٌ: "نعَم"، قال أبو غالبٍ: "فأقبَل علينا"، أي: إنَّ أنَسًا لَمَّا انتَهى مِن الصَّلاةِ رجَع إلى أصحابِه، فقال لهم: "احفَظُوا"، أي: هذه سُنَّةُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في صلاةِ الجنازةِ على الرَّجلِ والمرأةِ، فاحْفَظوها.
وقد عُلِّل وُقوفَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم حِيالَ وسَطِ المرأةِ بأنَّه موضِعُ العَجُزِ مِنها؛ فيَكونُ الوُقوفُ عِندَه أسْتَرَ لها، وليس ذلك موجودًا في الرَّجلِ.
وفي الحديثِ: بيانُ سُنَّةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في صلاةِ الجنازةِ على الرَّجلِ والمرأةِ.