باب ما جاء في اتباع النساء الجنائز
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أبو أسامة، عن هشام، عن حفصة
عن أم عطية قالت: نهينا عن اتباع الجنائز، ولم يعزم علينا (3) (4).
اتِّباعُ الجَنائزِ مِن حُقوقِ المسلِمِ على أخيه المسلِمِ، إلَّا أنَّ للنِّساءِ في ذلك أحكامًا خاصَّةً تختلِفُ عن الرِّجالِ.
وفي هذا الحَديثِ تُخبِرُ الصَّحابيَّةُ الجليلةُ أمُّ عَطيَّةَ الأنصاريَّةُ رَضيَ اللهُ عنها أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نهَى النِّساءَ عن المشْيِ في الجَنائزِ؛ وذلك لِمَا يُخْشَى في ذلك مِن الفِتنةِ لهنَّ وبِهِنَّ، وقلَّةِ صَبرِهِنَّ، وفي هذا إشارةٌ إلى بذْلِ الموعظةِ للنِّساءِ كما تُبذَلُ للرِّجالِ. والجِنازةُ: اسمٌ للمَيتِ في نَعْشِه، ثمَّ أخبَرَتْ رَضيَ اللهُ عنها أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لم يُشَدِّدْ في المَنْعِ كما يَفعلُ في سائرِ المنهيَّاتِ، أو ولَمْ يُعزَمْ علينا ويوجِبِ اتِّباعَ الجنائزِ كما أَوْجَبَه على الرِّجالِ. وقيل: هذا فَهمُ أمِّ عَطيَّةَ رَضيَ اللهُ عنها، ولعلَّها فَهِمتْه مِن قَرينةٍ ما.
والاتِّباعُ يختلِفُ في حُكمِه عن زيارتِهِنَّ للقبورِ؛ لأنَّ الأوَّلَ يكونُ في وقتِ المصيبةِ، وهو أشَدُّ وأعظَمُ مِن مجرَّدِ الزِّيارةِ؛ فعندَ الزيارةِ يكونُ قد حصَل السُّلْوانُ، وأمَّا وقتُ المصيبةِ فهو الوقتُ الَّذي تكونُ فيه شدَّةُ وقْعِ المصيبةِ على النُّفوسِ.
وفي الحديثِ: دَلالةٌ على أنَّ نهْيَ الرسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان على درَجاتٍ، وليس على درجةٍ واحدةٍ.