‌‌باب ما جاء في البيعين بالخيار ما لم يتفرقا3

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء في البيعين بالخيار ما لم يتفرقا3

أخبرنا بذلك قتيبة بن سعيد قال: حدثنا الليث بن سعد، عن ابن عجلان، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «البيعان بالخيار ما لم يتفرقا إلا أن تكون صفقة خيار ولا يحل له أن يفارق صاحبه خشية أن يستقيله»: هذا حديث حسن ومعنى هذا: أن يفارقه بعد البيع خشية أن يستقيله، ولو كانت الفرقة بالكلام ولم يكن له خيار بعد البيع لم يكن لهذا الحديث معنى، حيث قال صلى الله عليه وسلم: «ولا يحل له أن يفارقه خشية أن يستقيله»
‌‌

بيَّنَتِ الشَّريعةُ الإسلاميَّةُ حُدودَ التَّعامُلاتِ التِّجاريَّةِ وضَوابِطَها، فيَسَّرَت على المسلمِ أمرَه، وأمَرَتْه بما فيه العدلُ والبُعدُ عن الجَوْرِ والظُّلمِ للبائعِ والمشتري.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: "المُتبايِعانِ بالخِيارِ ما لم يَفتَرِقا"، أي: لأيِّ الطَّرَفين فسخُ البيعِ ما دامَا في نَفْسِ المَجلسِ، ولم يتَفرَّقا، ثمَّ استَثنى مِن ذلك فقال: "إلَّا أن تَكونَ صفقةَ خِيارٍ"، أي: يُخيِّرُ أحدُهما الآخَرَ بينَ إكمالِ البيعِ أو فَسْخِه، "ولا يَحِلُّ له أن يُفارِقَ صاحبَه؛ خشيةَ أن يَستقيلَه"، أي: لا يَحِلُّ لأحدِ طرَفَيِ البيعِ أن يَترُكَ المكانَ خشيةَ أن يَختارَ الطَّرَفُ الآخَرُ الرُّجوعَ عن البيعِ وفَسْخَه، فيكونُ بذلك قد احتال لإتمامِ البَيعِ.
وفي الحديثِ: مَشروعيَّةُ الخيارِ في البَيعِ ما دام الطَّرَفانِ في مَجلِسِ البَيعِ.
وفيه: النهيُ عن التَّحايُل، وضَرورةُ تَثبُّتِ طرَفَيِ البَيعِ في إكمالِ البيعِ، أو الرُّجوعِ فيه قبلَ انقِضاءِ مجلسِ البيعِ دونَ احتيالٍ.