‌‌باب ما جاء في الرقية من العين

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء في الرقية من العين

حدثنا ابن أبي عمر قال: حدثنا سفيان، عن عمرو بن دينار، عن عروة وهو ابن عامر، عن عبيد بن رفاعة الزرقي، أن أسماء بنت عميس قالت: يا رسول الله، إن ولد جعفر تسرع إليهم العين أفأسترقي لهم؟ فقال: «نعم، فإنه لو كان شيء سابق القدر لسبقته العين»: وفي الباب عن عمران بن حصين، وبريدة وهذا حديث حسن صحيح وقد روي هذا عن أيوب، عن عمرو بن دينار، عن عروة بن عامر، عن عبيد بن رفاعة، عن أسماء بنت عميس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، حدثنا بذلك الحسن بن علي الخلال قال: حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب بهذا
‌‌

العَينُ حقٌّ ولها تأثيرٌ وقد تُسبِّبُ الضَّررَ بحِكمةِ الله تعالى وقَدَرِه، وقد حذَّرَ الشرعُ مِن الوقوعِ فيها، وقدْ تقَعُ العَينِ مِن المرءِ الصَّالِحِ مِن جِهةِ إعجابِه بالشيءِ دونَ إرادةٍ منه إلى زوالِه، وقد أمَرَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم مَن رأَى شيئًا يُعجِبُه أنْ يُبرِّكَ على ما رَآه، أي: يَدْعُو بالبَركةِ عليه، كما عَلَّمنا كيفيَّةَ العِلاجَ مِن العَينِ والحسدِ بالرُّقيةِ الشرعيَّةِ.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ عُبيدُ بنُ رِفاعةَ الزُّرَقيُّ: "أنَّ أسماءَ بنتَ عُميسٍ"، وكانتْ زَوجًا لجعفَرِ بنِ أبي طالِبٍ رضِيَ اللهُ عَنهما، ثمَّ خلَف عليها مِن بَعدِه أبو بكرٍ رضِيَ اللهُ عَنه، ثمَّ خلَف عليها بَعدَ أبي بكرٍ رضِيَ اللهُ عَنه عليُّ بنُ أبي طالِبٍ رضِيَ اللهُ عَنه، قالتْ: "يا رسولَ اللهِ، إن َّولدَ جَعفرٍ"، أي: أولادَ جعفَرٍ، وهم: عبدُ اللهِ، وعَونٌ، ومحمَّدٌ رضِيَ اللهُ عَنهم "تُسرِعُ إليهم العينُ"، أي: تُؤثِّرُ فيهم عينُ الحاسِدِ؛ ربَّما لشِدَّةِ جَمالِهم الجَسديِّ أو المعنويِّ، والعينُ أخَصُّ مِن الحسَدِ؛ إذ يُشترطُ للعائنِ الرُّؤيةُ للمَعينِ، وهذا لا يُشترطُ مع الحاسِدِ للمَحسودِ، قالت أسماءُ رضِيَ اللهُ عنها: "أفأَستَرقي لهم؟"، أي: أطلُبُ لهم مَن يرقِيهم؟ أو أعمَلُ بالرُّقيةِ فيهم؟ والمرادُ بالرُّقيةِ: هي التَّعوُّذُ باللهِ عزَّ وجلَّ، ومنها الرُّقيةُ بالقرآنِ، ومنها ما أَخبر به النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم مِن أدعيَةٍ، فقال لها النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "نعَمْ"، أي: استَرقي مِن العينِ؛ "فإنَّه لو كان شَيءٌ سابِقَ القدَرِ لسبقَتْه العينُ"، قيل: إنَّ هذا جرَى مَجرى المبالغَةِ في إثباتِ أثَرِ العينِ، لا أنَّها تردُّ شيئًا مِن القدَرِ؛ وذلك لدَفعِ ما يَأتي في القُلوبِ مِن الاعتقادِ في العَينِ بمِثلِ ما يُعتقَدُ في القدَرِ، واللهُ سُبحانَه قد أجرى العادةَ أنْ يَخلُقَ الفِعلَ المقدَّرَ مِن العَينِ أو الرُّقيةِ بمِثلِ ما يقَعُ مِن القدَرِ، وأنَّ الَّذي يُصيبُ مِن الضَّررِ بالعادةِ عندَ نظَرِ النَّاظرِ إنَّما هو بقَدَرِ اللهِ السَّابقِ، لا شيءٌ يُحْدِثُه النَّاظِرُ في المنظورِ مِن تِلْقائِه، وإنَّما هو سبَبٌ.
وفي الحديثِ: إثباتُ القدَرِ، وإثباتُ تأثيرِ العَينِ والحَسدِ، وأنها لا تُعارِضُ القَدَرَ.
وفيه: الأمرُ بالرُّقيةِ مِن العَينِ .