‌‌باب من المزارعة2

سنن الترمذى

‌‌باب من المزارعة2

حدثنا محمود بن غيلان قال: أخبرنا الفضل بن موسى السيناني قال: أخبرنا شريك، عن شعبة، عن عمرو بن دينار، عن طاوس، عن ابن عباس، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحرم المزارعة، ولكن أمر أن يرفق بعضهم ببعض»: هذا حديث حسن صحيح، وحديث رافع فيه اضطراب يروى هذا الحديث عن رافع بن خديج، عن عمومته، ويروى عنه عن ظهير بن رافع وهو أحد عمومته، وقد روي هذا الحديث عنه على روايات مختلفة وفي الباب عن زيد بن ثابت، وجابر
‌‌

أمَر الشَّرعُ المطهَّرُ بكلِّ ما فيه مَصلحةٌ للعبادِ، ونَهى عن كلِّ ما فيه مَفسَدةٌ؛ ولذلك اهتَمَّ بأمرِ المعامَلاتِ بين النَّاسِ، فصوَّبها، ونبَّه على الأصلَحِ لهم فيها.
وفي هذا الحديثِ يُخبرُ ابنُ عبَّاسٍ رضِيَ اللهُ عَنهما: "أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم لم يُحرِّمِ المُزارَعةَ"، أي: إجارةَ الأرضِ ببَعضِ ما يَخرُجُ منها، "ولكِنْ أمَر أنْ يَرفُقَ بعضُهم ببعضٍ"، أي: يَلْطُفَ النَّاسُ بعضُهم ببَعضٍ ويُيسِّر بعضُهم على بعضٍ.
وقد ورَدت رواياتٌ أخرى فيها النَّهيُ عن المُزارَعةِ والمخابَرةِ، وحمَل العلماءُ أخبارَ النَّهيِ على ما لو وقَعَت بشُروطٍ فاسدةٍ، أو مجهولةٍ، فإذا كانت الحصصُ مَعلومةً، نحوَ النِّصفِ والثُّلثِ والرُّبعِ، وكانت الشُّروطُ الفاسدةُ معدومةً، كانت المزارعةُ جائزةً، ومعاملةُ النَّبيِّ صلى اللهُ عليه وسلَّم أهلَ خيبرَ بشَطْرِ ما يَخرُجُ مِنها مِن ثمَرٍ أو زرعٍ دليلٌ لهم في هذه المسألةِ.
وفي الحَديثِ: بيانٌ لفِقهِ ابنِ عبَّاسٍ رضِيَ اللهُ عنهما.