باب ما جاء في الثوم النيىء والبصل والكراث
بطاقات دعوية
عن عبدِ العزيزِ قالَ: سألَ رجلٌ أَنساً: ما سَمِعتَ نبيَّ الله - صلى الله عليه وسلم - في الثُّومِ؟ فقالَ: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -:
"مَن أَكلَ منْ هذهِ الشَّجرةِ فلا يقَرَبنَّا (وفي روايةٍ: فلا يقرَبَنَّ مَسْجِدَنا)، ولا يُصلينَّ معَنا".
الإسلامُ دِينُ الرُّقيِّ في شتَّى جوانبِ الحياةِ، ومِن تِلك الجوانبِ: الاهتِمامُ بالنَّظافةِ والرَّائحةِ الطيِّبةِ، ومُراعاةِ حقوقِ الآخَرِينَ ومَشاعرِهم، بأنْ يَجِدوا مِن المُسلمِ منظرًا طيِّبًا، ورِيحًا طيِّبةً.
وفي هذا الحديثِ يخبِرُ عبدُ الله بنُ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو في غزوةِ خَيْبرَ، وكانتْ في السَّنةِ السَّابعةِ مِن الهَجرةِ بيْنَ المسلِمينَ واليهودِ، وخيبرُ بلدةٌ تقَعُ شمالَ المدينةِ على طريقِ الشَّامِ، وتبعُدُ عنها 173 كم تَقريبًا؛ أمَر أصحابَه رَضيَ اللهُ عنهم أنَّ مَن أكَلَ مِن ثمَرةِ الثُّومِ لا يَقَرَبنَّ المَسجِدَ، والمُرادُ: ألَّا يحضُرَ إلى الجماعةِ؛ لئلَّا يُؤذيَ غيرَه مِن المُصلِّينَ، فضلًا عَن المَلائكةِ، وهذا فيمَنْ أكَلَ ذلِك نِيِئًا، فأمَّا مَن أكَلَه بعْدَ الإنْضاجِ بالنَّارِ فلا مَنْعَ فيه؛ لذَهابِ رِيحِه، كما عندَ مُسلِمٍ أنَّ عمرَ بنَ الخطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه قال: «أيُّها النَّاسُ، تأكلونَ شجَرَتينِ لا أَراهما إلَّا خَبِيثَتينِ؛ هذا البصَلَ والثُّومَ؛ لقد رأَيْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وعلى آله وسلَّمَ إذا وجَدَ رِيحَهما مِن الرَّجُلِ في المسجِدِ أمَرَ به، فأُخرِجَ إلى البَقيعِ، فمَن أكَلَهُما فلْيُمِتْهُما طَبْخًا».وسَببُ نَهْيِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن ذلك في خَيْبرَ ما ورَد في صَحيحِ مُسلمٍ عن أبي سَعيدٍ الخُدْريِّ رَضيَ اللهُ عنه، قال: «لم نَعْدُ أنْ فُتِحَتْ خَيْبرُ فوَقَعْنا أصحابَ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في تلك البَقْلةِ الثُّومِ، والنَّاسُ جِياعٌ، فأكَلْنا منها أكلًا شديدًا، ثمَّ رُحْنا إلى المسجِدِ، فوجَد رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الرِّيحَ، فقال: «مَن أكَل مِن هذه الشَّجرةِ الخَبيثةِ شَيئًا، فلا يَقْرَبَنَّا في المسجِدِ»، فقال الناسُ: حُرِّمَتْ، حُرِّمتْ، فبلَغ ذاك النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقال: أيُّها النَّاسُ، إنَّه ليس بي تحريمُ ما أحَلَّ اللهُ لي، ولكنَّها شجَرةٌ أَكْرَهُ رِيحَها».وقِيسَ على هذا مَجامِعُ الصَّلاةِ غيرَ المسجدِ؛ كمُصَلَّى العيدِ والجنائزِ ونَحوِها مِن مَجامِعِ العِباداتِ، وكذا مَجامِعُ العِلمِ والذِّكرِ والولائِمِ ونحوِها، ولا يَلتَحِقُ بها الأسواقُ ونحوُها. ويُلحَقُ بالثُّومِ البصلُ والكُرَّاثُ وكلُّ ما لَه رائحةٌ كريهةٌ مِن المأكولاتِ وغَيرِها، ويُلحَقُ به من به بَخَرٌ في فِيهِ، أو به جرحٌ له رائحةٌ.
وفي الحديثِ: الأمرُ بتَحسينِ الأدَبِ في حُضورِ مَواطِنِ الصَّلاةِ مِن تَعاهُدِ الإنسانِ نفْسَه بتَركِ ما يُؤذي ريحُه.