‌‌باب ما جاء في الحمية2

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء في الحمية2

حدثنا عباس بن محمد الدوري قال: حدثنا يونس بن محمد قال: حدثنا فليح بن سليمان، عن عثمان بن عبد الرحمن التيمي، عن يعقوب بن أبي يعقوب، عن أم المنذر قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه علي ولنا دوال معلقة، قالت: فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل وعلي معه يأكل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: «مه مه يا علي، فإنك ناقه»، قال: فجلس علي والنبي صلى الله عليه وسلم يأكل، قالت: فجعلت لهم سلقا وشعيرا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «يا علي، من هذا فأصب، فإنه أوفق لك»: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث فليح، ويروى عن فليح، عن أيوب بن عبد الرحمن، حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا أبو عامر، وأبو داود، قالا: حدثنا فليح بن سليمان، عن أيوب بن عبد الرحمن، عن يعقوب، عن أم المنذر الأنصارية، قالت: دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر نحو حديث يونس بن محمد، إلا أنه قال: «أنفع لك» وقال محمد بن بشار: وحدثنيه أيوب بن عبد الرحمن، هذا حديث حسن غريب
‌‌

الابْتِعادُ عن أسبابِ المَرَضِ ومُؤَخِّراتِ الشِّفاءِ من المَفاهِيم المُهِمَّةِ المُتَعَلِّقَةِ بالأَخذِ بالأسبابِ في دَوامِ الصِّحَّةِ والعافِيَةِ. وفي هذا الحديثِ: تقول أُمُّ المُنْذِرِ بنتُ قَيْسٍ، وهي إحدى خالاتِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم من بَنِي النَّجَّارِ: دَخَلَ عليَّ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، ومعه عَلِيُّ بن أبي طالِبٍ رَضِيَ الله عنه وهو "نَاقِهٌ"، أي: كان عَلِيٌّ بَرِأَ قَريبًا من مَرَضِهِ، ولمْ تَرجِع إليه كامِلُ قُوَّتِهِ وصِحَّتِه، ثُمَّ قالتْ أُمُّ المُنْذِرِ: "ولنا"، أي: عندنا "دَوالِي مُعَلَّقَةٌ" والدَّوالي: هي عَراجِينُ وفُروعُ النَّخْلِ المُحَمَّلة بالبَلَحِ غير النَّاضِج يُعَلَّق حتَّى يَستوِيَ ويَنْضَجَ فيأكلوه، فقام رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم "يأكل منها"، أي: مِن هذه الدَّوالي المُعَلَّقة، "وقام عَلِيٌّ أيضًا ليأكل" فلمَّا رَآهُ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يأكُل منها "فَطَفِقَ"، أي: إنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم أَخَذَ يُرشِدُه ويَنصَحُه، ويقول له: "مَهْ"، أي: اكْفُف وامْتَنِعْ؛ " إِنَّكَ نَاقِهٌ "، أي: إنَّكَ لمْ تَتَماثَل للشِّفاءِ، فَكُفَّ عن تَناوُلِ هذا الطَّعام؛ فإنَّه قد يَضُرُّك "حتَّى كَفَّ عَلِيٌّ"، أي: إنَّ عَلِيًّا رَضِيَ الله عنه لمَّا سَمِعَ ما قاله النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم انْتَهى عن الأَكْلِ، ثُمَّ قالتْ أُمُّ المُنْذِرِ: "وصَنعتُ"، أي: طَبختُ شَعِيرًا "وسِلْقًا"، والسِّلْقُ هو من النَّباتاتِ التي تُطْبَخُ وتُؤْكَلُ، "فجِئتُ به"، أي: بهذا الطَّعامِ الَّذي طَبختُه، فقال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: "يا عَلِيُّ، أَصِبْ من هذا" يعني: كُلْ من هذا الطَّعام؛ "فهو أَنفعُ لكَ"، أي: إنَّ الأكلَ مِن هذا الطَّعامِ لا يكون فيها ضَرَرٌ لكَ.
وفي الحديثِ: حُسْنُ التَّدبيرِ حين مَنَعَ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم عَلِيًّا من الأَكْلِ من الدَّوالي، وهو نَاقِهٌ.
وفيه: مَشْروعِيَّةُ الدُّخول والأَكْلِ من بيتِ الخالاتِ والأَهْلِ من جِهَةِ الأُمِّ..