باب ما جاء في الحمية1
سنن الترمذى
حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا إسحاق بن محمد الفروي قال: حدثنا إسماعيل بن جعفر، عن عمارة بن غزية، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد، عن قتادة بن النعمان، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أحب الله عبدا حماه الدنيا كما يظل أحدكم يحمي سقيمه الماء»: وفي الباب عن صهيب، وأم المنذر وهذا حديث حسن غريب وقد روي هذا الحديث عن محمود بن لبيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا، حدثنا علي بن حجر قال: أخبرنا إسماعيل بن جعفر، عن عمرو، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم، نحوه، ولم يذكر فيه عن قتادة بن النعمان: وقتادة بن النعمان الظفري هو أخو أبي سعيد الخدري لأمه، ومحمود بن لبيد قد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، ورآه وهو غلام صغير
مِن حِكمةِ اللهِ سبحانه وتعالى أنَّه يَبتَلي عبدَه المؤمِنَ المحسِنَ بالمنعِ مِن بعضِ الأشياءِ الَّتي يَراها النَّاسُ خيرًا وفضلًا في الدُّنيا، ولكنَّ هذا الابتِلاءَ يَكونُ للتَّمحيصِ، ولخيرٍ أرادَه اللهُ للعبدِ، وقد لا يَرى أو لا يَعلَمُ المبتلَى بعِلَّةِ المنعِ، ولا بجَزاءِ الصَّبرِ عليه.
وفي هذا الحَديثِ يَقولُ الرَّسولُ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "إذا أحَبَّ اللهُ عبدًا حمَاه الدُّنيا"، أي: حَفِظه مِن كلِّ ما يُضِرُّ بدِينِه مِن الدُّنيا "كما يظَلُّ أحَدُكم يَحْمي سَقيمَه الماءَ"، أي: كفِعْلِكم مِن مَنعِكم المريضَ مِن شُربِ الماءِ في بعضِ الأمراضِ، وهذا ضَربٌ مِن التَّربيةِ النَّبويَّةِ والتَّعليمِ للمُسلِمين، وتَثبيتِهم على شَدائدِ الدُّنيا، وأنَّها تَجْري بقَدَرِ اللهِ، فلا يَجزَعُ المسلِمُ ولكن يُفكِّرُ في حِكْمةِ اللهِ، ويَصبِرُ على قَضائِه، ويُوقِنُ بأنَّ اللهَ اختار له الخيرَ.
وفي الحَديثِ: بيانُ أنَّ مَنْعَ اللهِ النِّعمةَ لِبَعضِ عبادِه المتَّقين، ليسَت لِسَخطِه عليهم، بل لحُبِّه لهم.
وفيه: ضَرْبُ المثالِ مِن الواقعِ لِتَقريبِ المعنى.