‌‌باب ما جاء في الخل

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء في الخل

حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي حمزة الثمالي، عن الشعبي، عن أم هانئ بنت أبي طالب قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «هل عندكم شيء؟» فقلت: لا، إلا كسر يابسة وخل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «قربيه، فما أقفر بيت من أدم فيه خل»: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، لا نعرفه من حديث أم هانئ إلا من هذا الوجه. وأبو حمزة الثمالي اسمه ثابت بن أبي صفية، وأم هانئ ماتت بعد علي بن أبي طالب بزمان، وسألت محمدا عن هذا الحديث قال: لا أعرف للشعبي سماعا من أم هانئ، فقلت: أبو حمزة كيف هو عندك؟ فقال: أحمد بن حنبل تكلم فيه، وهو عندي مقارب الحديث
‌‌

قَوْلُهُ : ( هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ ؟ ) أَيْ مِمَّا يُؤْكَلُ ( فَقُلْتُ لَا ) أَيْ لَا شَيْءَ عِنْدَنَا ( إِلَّا كِسَرٌ ) بِكَسْرِ الْكَافِ وَفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ جَمْعُ كِسْرَةٍ وَهِيَ الْقِطْعَةُ مِنَ الشَّيْءِ الْمَكْسُورِ وَالْمُرَادُ هُنَا كِسَرُ الْخُبْزِ ، وَفِي الْمِشْكَاةِ إِلَّا خُبْزٌ يَابِسٌ ( يَابِسَةٌ ) صِفَةٌ ( وَخَلٌّ ) عُطِفَ عَلَى كِسَرٍ ، قِيلَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَحْذُوفٌ وَالْمُسْتَثْنَى بَدَلٌ مِنْهُ ، وَنَظِيرُهُ فِي الصِّحَاحِ قَوْلُ عَائِشَةَ إِلَّا شَيْءٌ بَعَثَتْ بِهِ أُمُّ عَطِيَّةَ . قَالَ الْمَالِكِيُّ فِيهِ : شَاهِدٌ عَلَى إِبْدَالِ مَا بَعْدَ إِلَّا مِنْ مَحْذُوفٍ ، لِأَنَّ الْأَصْلَ لَا شَيْءَ عِنْدَنَا إِلَّا شَيْءٌ بَعَثَتْ بِهِ أُمُّ عَطِيَّةَ ( قَرِّبِيهِ ) أَيْ أَحْضِرِي مَا عِنْدَكِ ( فَمَا أَقْفَرَ ) بِالْقَافِ قَبْلَ الْفَاءِ ( بَيْتٌ مِنْ أُدْمٍ ) مُتَعَلِّقٌ بِأَقْفَرَ . وَ قَوْلُهُ : ( فِيهِ خَلٌّ ) صِفَةُ [ ص: 467 ] بَيْتٍ . قَالَ الْجَزَرِيُّ فِي النِّهَايَةِ : أَيْ مَا خَلَا مِنَ الْإِدَامِ وَلَا عَدِمَ أَهْلُهُ الْأُدْمَ . وَالْقَفَارُ الطَّعَامُ بِلَا أُدْمٍ ، وَأَقْفَرَ الرَّجُلُ إِذَا أَكَلَ الْخُبْزَ وَحْدَهُ مِنَ الْقَفْرِ وَالْقِفَارِ وَهِيَ الْأَرْضُ الْخَالِيَةُ الَّتِي لَا مَاءَ بِهَا انْتَهَى .

فَإِنْ قُلْتَ : لَفْظُ بَيْتٍ مَوْصُوفٌ وَفِيهِ خَلٌّ صِفَتُهُ وَوَقَعَ بَيْنَهُمَا الْفَصْلُ فَقَوْلُهُ أَجْنَبِيٌّ عَنْهُمَا ، وَالْفَصْلُ بَيْنَ الْمَوْصُوفِ وَصِفَتِهِ بِالْأَجْنَبِيِّ لَا يَجُوزُ .

قُلْتُ : قَالَ الْقَارِيُّ فِي الْمِرْقَاةِ . يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إِنَّهُ حَالٌ عَلَى تَقْدِيرِ الْمَوْصُوفِ ، أَيْ بَيْتٌ مِنَ الْبُيُوتِ ، كَذَا قَالَهُ الطِّيبِيُّ : وَفِي شَرْحِ الْمِفْتَاحِ لِلسَّيِّدِ فِي بَحْثِ الْفَصَاحَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ الْفَصْلُ بَيْنَ الصِّفَةِ وَالْمَوْصُوفِ ، وَأَنْ يَجِيءَ الْحَالُ عَنِ النَّكِرَةِ الْعَامَّةِ بِالنَّفْيِ وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى تَقْدِيرِ الصِّفَةِ . وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ : هُوَ صِفَةُ بَيْتٍ وَلَمْ يُفْصَلْ بَيْنَهُمَا بِأَجْنَبِيٍّ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لِأَنَّ أَقْفَرَ عَامِلٌ فِي بَيْتٍ وَصِفَتُهُ وَفِيمَا فَصَلَ بَيْنَهُمَا انْتَهَى .