باب ما جاء في الرجل تفوته الصلوات بأيتهن يبدأ
سنن الترمذى
حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا معاذ بن هشام قال: حدثني أبي، عن يحيى بن أبي كثير قال: حدثنا أبو سلمة بن عبد الرحمن، عن جابر بن عبد الله، أن عمر بن الخطاب، قال يوم الخندق وجعل يسب كفار قريش، قال: يا رسول الله، ما كدت أصلي العصر حتى تغرب الشمس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والله إن صليتها»، قال: فنزلنا بطحان، فتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوضأنا، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر بعد ما غربت الشمس، ثم صلى بعدها المغرب «،» هذا حديث حسن صحيح "
الصَّلاةُ أعظمُ أركانِ الإسلامِ العَمليَّةِ بعدَ الشهادَتينِ، ولها أهمِّيَّتُها الخاصَّةُ في الشَّرعِ؛ وقدْ جعَل اللهُ تعالى لها أوقاتًا معلومةً تُؤدَّى فيها، ومَنْ فاتَه شيءٌ مِن الصَّلواتِ لعُذرٍ فعليه أنْ يَقْضيَها ولا يَترُكَها.وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ جابرُ بنُ عبدِ الله رَضيَ اللهُ عنهما ببعضِ ما كان في غَزوةِ الخَندقِ، وكانتْ غَزْوةُ الخَنْدَقِ في السَّنةِ الخامِسةِ مِن الهِجرةِ؛ وقيل: إنَّها كانتْ في السَّنةِ الرَّابعةِ، وسُمِّيَتْ بذلك؛ لأنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أمَر بحَفْرِ خَنْدَقٍ حَوْلَ المدينةِ لِتَحْصِينِها مِن أحزابِ الكُفْرِ الَّتي اجتَمَعَتْ بهدفِ إبادةِ المسلِمينَ، وقد شارَك المسلِمونَ مِن المهاجِرينَ والأنصارِ في حَفْرِ الخَنْدقِ، وقد شغَلَ المشركون النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأصحابَه عن بَعضِ الصَّلَواتِ؛ فجاءَ عُمرُ بنُ الخطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه جاءَ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بعدَما غرَبتِ الشَّمسُ وهو يَسُبُّ كُفَّارَ قريشٍ، بسَببِ قِتالِ هؤلاءِ، وكان سبُّه للمُشركينَ لتَسبُّبِهم في تأخيرِ صَلاةِ العصرِ حتَّى أَوشكَتِ الشَّمسُ على الغُروبِ، وهو الوقتُ الاضْطِراريُّ لصلاةِ العصرِ، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: واللهِ ما صلَّيتُها! يعني: إذا كنتَ -يا عُمَرُ- قدْ صلَّيتَ العصرَ في آخِرِ الوقتِ قبْلَ الغروبِ، فإنِّي لم أُصَلِّها حتَّى الآنَ وقدْ غرَبتِ الشَّمسُ، ثمَّ قاموا إلى «بُطْحَانَ»، وهو وادٍ في جنوبِ المدينةِ؛ فتَوضَّؤُوا للصَّلاةِ، فصَلَّوُا العَصرَ جماعةً بعدَما غرَبتِ الشَّمسُ، ثمَّ صلَّوْا بعدَ ذلك المغربَ.
وفي الحديثِ: مشروعيَّةُ صَلاةِ الجَماعةِ في الفائتةِ، وأنَّ مَن فاتتْه صلاةٌ وذكَرها في وقتٍ آخَرَ يَبدأُ بالفائتةِ ثمَّ بالحاضِرة.
وفيه: مشروعيَّةُ تأخيرِ الفَريضةِ عن وقتِها حتَّى زَوالِ الخَوفِ والقِتالِ.
وفيه: فَضْلُ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنه وحِرصُه على فَرائضِ الدِّينِ وشرائعِه