‌‌باب ما جاء في الرخصة في الكذب والخديعة في الحرب

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء في الرخصة في الكذب والخديعة في الحرب

حدثنا أحمد بن منيع، ونصر بن علي، قالا: حدثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، سمع جابر بن عبد الله يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الحرب خدعة»: وفي الباب عن علي، وزيد بن ثابت، وعائشة، وابن عباس، وأبي هريرة، وأسماء بنت يزيد بن السكن، وكعب بن مالك، وأنس وهذا حديث حسن صحيح
‌‌

لِلمَرْءِ أنْ يَفعَلَ في مَقامِ الحَربِ ما لا يُؤْذَنُ في فِعْلِه في غَيرِها مِنَ المَواطِنِ، ومِن ذلك: الخِداعُ، وهو التَّوريةُ والكَذِبُ، إنِ اضطُرَّ إليه؛ فإنَّ الحَربَ خَدْعةٌ، كما أخبَرَ أبو هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه في هذا الحَديثِ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سَمَّى الحَربَ خَدعةً.
وقيلَ: مَعناه: استَعمِلِ الحيلةَ في الحَربِ ما أمكَنَكَ، وذلك مِن أجْلِ تَحقيقِ مَصلَحةٍ كَبيرةٍ لِلمُسلِمينَ، فإذا أعيَتْكَ الحِيَلُ فقاتِلْ، وقيلَ: مَعناه أنَّ مَن خُدِعَ فيها مَرَّةً واحِدةً عَطِبَ وهَلَكَ، ولا عَودةَ له.
ويُؤخَذُ منه: أنَّ لِلمُسلِمِ أنْ يَكذِبَ، أو يُصرِّحَ بغَيرِ الحَقيقةِ؛ فيُظهِرَ مِن نَفْسِه قُوَّةً، ويَتحَدَّثَ بما يَشحَذُ به هِمَّةَ أصحابِه، ويَكيدُ به عَدُوَّهم، أو يَكذِبَ على العَدُوِّ؛ لِيَخدَعَه، كما عِندَ التِّرمِذيِّ مِن حَديثِ أسماءَ بِنتِ يَزيدَ رَضيَ اللهُ عنها: «لا يَحِلُّ الكَذِبُ إلَّا في ثَلاثٍ: يُحَدِّثُ الرَّجُلُ امرأتَه لِيُرضيَها، والكَذِبُ في الحَربِ، والكَذِبُ لِيُصلِحَ بيْنَ النَّاسِ».