‌‌باب ما جاء في صلة الرحم1

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء في صلة الرحم1

حدثنا ابن أبي عمر قال: حدثنا سفيان قال: حدثنا بشير أبو إسماعيل، وفطر بن خليفة، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا انقطعت رحمه وصلها»: هذا حديث حسن صحيح وفي الباب عن سلمان، وعائشة
‌‌

الأرحامُ: همْ أقاربُ الإنسانِ، وكلُّ مَن يَربِطُهم رابطُ نسَبٍ، سواءٌ أكان وارثًا لهم أو غيرَ وارثٍ، وتَتأكَّدُ الصِّلةُ به كُلَّما كان أقرَبَ إليه نَسَبًا. وصِلةُ الرَّحمِ مِن أفضلِ الطَّاعاتِ الَّتي يَتقرَّبُ بها العبدُ إلى ربِّه، وقدْ أمَرَ اللهُ تعالَى بها، وبيَّنَ أنَّ وَصْلَها مُوجِبٌ للمَثوبةِ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه ليس الواصلُ بالمُكافئ، أي: ليس الإنسانُ الكاملُ في صِلةِ الرَّحِمِ والإحسانِ إلى الأقاربِ، هو الشَّخصَ الَّذي يُقابِلُ الإحسانَ بالإحسانِ، ولكنِ الإنسانُ الكاملُ في صِلةِ الرَّحِمِ هو الَّذي إذا قُطِعَتْ رحِمُه وصَلَها، أي: إذا أساء إليه أقاربُه أحسَن إليهم ووصَلهم.
وقد ورَدَ الحثُّ فيما لا يُحصى مِن النُّصوصِ الشَّرعيَّةِ على صِلةِ الرَّحِمِ، ولم يَرِدْ لها ضابطٌ؛ فالمُعوَّلُ على العُرفِ، وهو يَختلِفُ باختلافِ الأشخاصِ والأحوالِ والأزمنةِ، والواجبُ منها ما يُعَدُّ به في العُرفِ واصلًا، وما زادَ فهو تفضُّلٌ ومَكرُمةٌ، وأظهرُها: مُعاوَدتُهم، وبذْلُ الصَّدَقاتِ في فُقَرائِهم، والهَدايا لأغنيائِهم.
وفي الحَديثِ: أنَّ الصِّلةَ إذا كانتْ نَظيرَ مُكافأةٍ مِن الطَّرَفِ الآخَرِ لا تكونُ صِلةً كاملةً؛ لأنَّها مِن بابِ تبادُلِ المنافعِ، وهذا ممَّا يَسْتوي فيه الأقاربُ والأباعدُ.
وفيه: عدَمُ المعاملةِ بالمِثلِ، بل بالإحسانِ إلى المسيءِ والمُقصِّرِ.