باب ما جاء في: "الشهر تسع وعشرون" 1
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كم مضى من الشهر؟ " قال: قلنا: اثنان وعشرون، وبقيت ثمان. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الشهر هكذا، والشهر هكذا، والشهر هكذا" ثلاث مرات، وأمسك واحدة (1).
جعَلَ اللهُ الأهِلَّةَ لحِسابِ الشُّهورِ والسِّنينَ، فبِرُؤْيةِ الهِلالِ يَبدَأُ شَهْرٌ ويَنْتَهي آخَرُ، وعلى تلك الرُّؤْيةِ تَتَحدَّدُ فَرائضُ كَثيرةٌ، كالصِّيامِ، والحَجِّ.
وفي هذا الحديثِ يَحكي عبدُ الله بنُ عمرَ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: «الشَّهرُ هَكذا وهَكذا»، وأشارَ بيَدَيه الكريمتَينِ ناشرًا أصابعَه مَرَّتينِ؛ فهذه عِشرونَ، وقَبَضَ إصْبَعَه الإبهامَ ونشَرَ بقيَّةَ أصابعِه في المرَّةِ الثَّالثةِ، فهذه تِسعةٌ، والجملةُ تِسعةٌ وعِشرون يومًا. وهذه الإشارةُ أبلَغُ طَريقٍ في التَّعريفِ؛ لأنَّها أمرٌ مَحسوسٌ لا يَقَعُ فيه الاحتمالُ.
وحاصلُه: أنَّ العِبرةَ في ثُبوتِ نِهايةِ الشَّهرِ الحالي وبِدايةِ الشَّهرِ الجَديدِ تكونُ بالهَلالِ؛ فإذا ثَبَتَ الهِلالُ في عَشيَّةِ يومِ التاسعِ والعِشرينَ، يكونُ الشَّهرُ قدِ انْتَهى، وتكونُ تلك اللَّيلةُ أوَّلَ الشَّهرِ الجديدِ، فإذا لم يُرَ الهلالُ لمانعٍ -كغَيمٍ ونحْوِه- فيَجِبُ إكمالُ العَددِ ثلاثينَ يَومًا.
وفي الحديثِ: استِعمالُ الإشارةِ المُفهِمةِ في بَيانِ المعاني.
وفيه: عدَمُ الاعتِمادِ على غيرِ رُؤيةِ الهلالِ، كالحِسابِ الفَلَكيِّ.