‌‌باب ما جاء في العبد يكون بين الرجلين فيعتق أحدهما نصيبه3

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء في العبد يكون بين الرجلين فيعتق أحدهما نصيبه3

حدثنا علي بن خشرم قال: أخبرنا عيسى بن يونس، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن النضر بن أنس، عن بشير بن نهيك، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أعتق نصيبا»، أو قال: «شقصا في مملوك فخلاصه في ماله، إن كان له مال، فإن لم يكن له مال قوم قيمة عدل، ثم يستسعى في نصيب الذي لم يعتق غير مشقوق عليه» وفي الباب عن عبد الله بن عمرو، حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن سعيد بن أبي عروبة نحوه، وقال: «شقيصا»: وهذا حديث حسن صحيح وهكذا روى أبان بن يزيد، عن قتادة مثل رواية سعيد بن أبي عروبة، وروى شعبة هذا الحديث، عن قتادة ولم يذكر فيه أمر السعاية واختلف أهل العلم في السعاية، فرأى بعض أهل العلم السعاية في هذا، وهو قول سفيان الثوري، وأهل الكوفة، وبه يقول إسحاق وقد قال بعض أهل العلم: إذا كان العبد بين الرجلين فأعتق أحدهما نصيبه، فإن كان له مال غرم نصيب صاحبه، وعتق العبد من ماله، وإن لم يكن له مال عتق من العبد ما عتق ولا يستسعى، وقالوا بما روي عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا قول أهل المدينة، وبه يقول مالك بن أنس، والشافعي، وأحمد
‌‌

خلَقَ اللهُ سُبحانه وتعالَى النَّاسَ أحرارًا، وكَرِهَ أنْ يَسترِقَّ بَعضُهم بَعضًا، وقدْ جاء الإسلامُ ونِظامُ العُبوديَّةِ قائمٌ، فحَرَصتْ شَريعةُ الإسلامِ على العِتقِ، ويَسَّرتْ في أسبابِه.
وفي هذا الحديثِ يُبيِّنُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ مَنْ أعتَقَ شَقيصًا -والشِّقْصُ والشَّقِيص المرادُ به النَّصيبُ- له في عبْدٍ مَملوكٍ له ولغَيرِه، فإنَّه يَتعيَّنُ عليه أنْ يُعتِقَه جَميعَه مِن مالِه، إنْ كان له مالٌ يَستطيعُ الدَّفعَ منه، زائدٌ عَن قُوتِ يَومِه وقُوتِ مَن يَلْزَمُه نَفَقَتُه، ويَكْفي لضَروريَّاتِه، كالسَّكنِ والثَّوبِ ونحْوِها؛ حتَّى يكونَ العبدُ كلُّه حُرًّا، فإنْ لم يكُنْ هذا الرَّجلُ الَّذي أعتَقَ له مالٌ، قُوِّمَ المملوكُ قِيمةَ عدْلٍ، يعني: قُدِّرَ ثَمنُ هذا المَملوكِ بِقيمةٍ عادلةٍ تُساوي سِعرَه في الحقيقةِ بلا زِيادةٍ أو نُقصانٍ، ثُمَّ استُسْعِيَ غيرَ مَشقوقٍ عليه، يعني: يُمَكَّنُ هذا المملوكُ مِنَ العَملِ حتَّى يَدفَعَ باقيَ قِيمتِه؛ لِيكونَ حُرًّا دونَ أنْ يُشدَّدَ عليه في الاكتسابِ إذا عَجَزَ.