باب ما جاء في القبلة، ومن لا يرى الإعادة على من سها فصلى إلى غير القبلة 2
بطاقات دعوية
عن عبدِ الله بن عُمر قال: بيْنا النّاسُ بقُباءٍ في صلاةِ الصبْح، إذْ
جاءهم آتٍ فقالَ: إنَّ رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قد أُنْزلَ عليهِ الليلةَ قرآنٌ، وقد أُمرَ أنْ يستقبلَ الكعبةَ، [ألا فاستقبِلوها]، فاستقبَلوها، وكانت وجوهُهم إلى الشامِ، فاستداروا [بوجوههم] إلى الكعبة.
كان المسجدُ الأقصى قِبلةَ المُسلِمينَ الأُولى، وقدْ أمَرَ اللهُ سُبحانَه وتعالَى نَبيَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بأنْ يُغيِّرَ وِجهتَه وقِبلَتَه إلى المَسجِدِ الحَرامِ، بعْدَ أنْ ظلَّ يُصلِّي إلى المَسجِدِ الأقْصى ستَّةَ عَشَرَ شَهرًا بعْدَ الهِجْرةِ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّه بيْنَما ناسٌ يُصلُّونَ صَلاةَ الصُّبحِ في المَسجِدِ بقُباءٍ، أتاهم آتٍ -وهو الصَّحابيُّ عبَّادُ بنُ بِشرٍ رَضيَ اللهُ عنه- وقال: إنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قدْ أُنزِلَ عليه اللَّيلةَ قُرْآنٌ، وهو قولُه تعالى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ} [البقرة: 144]، وقد أُمِرَ أنْ يَستَقبِلَ الكَعْبةَ، فاستَقبِلوها، وكانوا على حالةِ الرُّكوعِ في الصَّلاةِ، كما في رِوايةِ الصَّحيحَينِ مِن حَديثِ البَراءِ بنِ عازِبٍ رَضيَ اللهُ عنه، فالتفَتَ النَّاسُ إلى ناحيةِ الكَعْبةِ بْعدَ أنْ كانت وُجوهُهم إلى ناحيةِ بَيتِ المَقدِسِ في الشَّامِ.
ومَسجِدُ قُباءٍ يُعرَفُ أيضًا بمَسجِدِ بَني عَمْرِو بنِ عَوْفٍ، صلَّى فيه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عندَ دُخولِ المَدينةِ النَّبويَّةِ، وهو المُرادُ -على أحَدِ الأقْوالِ في الآيةِ- مِن قَولِ اللهِ تعالَى: {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبة: 108]، وكانت قُباءٌ قَرْيةً على بُعدِ مِيلَيْنِ أو ثَلاثةٍ منَ المَدينةِ.
وفي الحَديثِ: أنَّ مَن أخْطأَ جِهةَ القِبلةِ، وأخْبَرَه مَن يُقبَلُ خَبَرُه بجِهَتِها، فإنَّه يَلزَمُه أنْ يُصلِّيَ بقَولِه.
وفيه: بِناءُ الأحْكامِ الشَّرعيَّةِ، والعمَلُ بها بخَبَرِ الواحِدِ.
وفيه: سُرعةُ استِجابةِ الصَّحابةِ لأمرِ اللهِ عزَّ وجلَّ.
وفيه: مَشْروعيَّةُ إرْشادِ مَن ليس في الصَّلاةِ لمَن في الصَّلاةِ عندَ وُجودِ السَّببِ الدَّاعي لذلك.