باب الغسل بالصاع ونحوه 2
بطاقات دعوية
عن أبي جعفر أنه كان عند جابر بن عبد الله- هو وأبوه- وعنده قوم، فسألوه عن الغسل؟ فقال: يكفيك صاع، فقال رجل: ما يكفيني! فقال جابر: كان يكفي من هو أوفى منك شعرا وخير منك، ثم أمنا في ثوب، (ومن طريق أخرى عنه قال: قال لي جابر: أتاني ابن عمك- يعرض بالحسن بن محمد بن الحنفية- قال: كيف الغسل من الجنابة؟ فقلت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يأخذ ثلاثة أكف ويفيضها على رأسه، ثم يفيض على سائر جسده. فقال لي الحسن: إني رجل كثير الشعر، فقلت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أكثر منك شعرا).
حَرَصَ الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم على التَّعلُّمِ مِن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كلَّ الأُمورِ الدِّينِيَّةِ -خاصَّةً المُتكرِّرةَ في اليومِ مِن وُضوءٍ وغُسْلٍ وصَلاةٍ-؛ ليَعْمَلوا بذلك ويُبلِّغوا مَن بَعدَهم.وفي هذا الحديثِ يقولُ أَبو جَعفرٍ محمدُ بنُ عليٍّ الباقرُ: قالَ لي جابِرُ بنُ عبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنهما: وأَتاني ابنُ عمِّكَ، «يُعرِّضُ» يَقصِدُ ويُشيرُ إلى الحَسنِ بنِ مُحمَّدِ ابنِ الحنَفِيَّةِ، ومحمَّدٌ هو ابنُ علِيِّ بنِ أبي طالبٍ رَضيَ اللهُ عنه، فسَأَلَ الحَسنُ جابرًا عن كَيفيَّةِ الاغتسالِ مِن الجَنابةِ، وسَببُ الجَنابةِ هو خُروجُ المَنِيِّ مِن احتِلامٍ أوْ جِماعٍ، وسُمِّيَ بذلك لاجتِنابِه الصَّلاةَ والعباداتِ حتَّى يَطَّهَّرَ مِنها، فأخبَرَه جابرٌ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَأخُذُ «ثَلاثةَ أكُفٍّ» مِن ماءٍ، ويُفيضُها على رأْسِهِ، ثمَّ يُفيضُ على سائرِ جَسدِهِ، فقالَ الحَسنُ لجابرٍ: «إنِّي رجُلٌ كَثيرُ الشَّعرِ»، يُشيرُ بذلك أنَّ مِقدارَ الماءِ في غَسلِ الرَّأسِ قَليلٌ ولا يَستوعِبُ جَميعَ شَعرِه، ويَترخَّصُ في زِيادةِ الماءِ، فقال جابرٌ رَضيَ اللهُ عنه: «كانَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أكثَرَ مِنكَ شَعرًا»، أي: إنَّه كانَ يَفعَلُ ذلكَ بِهذا القَدْرِ مِن الماءِ معَ كَثافةِ شَعرِهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وهو بَيانٌ وإشارةٌ إلى أنَّه لا عُذرَ لأحدٍ في الإسرافِ في الماءِ بقَصْدِ التَّعميمِ.وفي الحديثِ: الحثُّ على الاقْتِصادِ في استِمعالِ الماءِ.وفيهِ: بَيانُ صِفةِ طُولِ شَعرِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.وفيه: حِرصُ التَّابعينَ على التَّعلُّمِ مِن الصَّحابةِ رضِيَ اللهُ عنهم.