باب ما جاء في اللعن والطعن
سنن الترمذى
حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا أبو عامر، عن كثير بن زيد، عن سالم، عن ابن عمر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يكون المؤمن لعانا» وفي الباب عن عبد الله بن مسعود. وهذا حديث حسن غريب. وروى بعضهم بهذا الإسناد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا ينبغي للمؤمن أن يكون لعانا». وهذا الحديث مفسر
للأخلاقِ في الإسلامِ أهمِّيَّةٌ عُظْمى؛ فقد بُعِثَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم لِيُتمِّمَ مكارمَ الأخلاقِ ويُكمِلَها؛ فيَنْبَغي على المؤمِنِ أن يتَخلَّقَ بالأخلاقِ الحَميدةِ، ويَتْرُكَ الأخلاقَ السَّيِّئةَ، ومِن ذلك ألَّا يَكونَ مِن دَيدَنِه اللَّعنُ، كما يقولُ الرَّسولُ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في هذا الحديثِ: "لا يَكونُ المؤمِنُ لعَّانًا"، أي: كثيرَ اللَّعنِ، واللَّعنُ هو الدُّعاءُ بالطَّردِ مِن رحمةِ اللهِ.
والمعنى: أنَّ المؤمِنَ الحقَّ لا يُكثِرُ اللَّعنَ بغيرِ حقٍّ، ولا يَلعَنَ إلَّا مَن لعَنه اللهُ ورسولُه، وهذا مِن تمامِ الإيمانِ ومِن حُسنِ الخُلقِ، وأتَى بصِيغةِ المُبالَغةِ "لعَّانًا"؛ لأنَّ اللَّعنَ ربَّما وقَع مِن المؤمنين نادِرًا، والنَّهيُ إنَّما هو عن الكَثرةِ في اللَّعنِ؛ فدلَّ على أنَّ المذمومَ إنَّما هو الإكثارُ مِن اللَّعنِ.