‌‌باب ما جاء في المشي إلى الصلاة في الظلام

‌‌باب ما جاء في المشي إلى الصلاة في الظلام

حدثنا محمد بن معاذ بن عباد العنبري، حدثنا أبو عوانة، عن يعلى بن عطاء، عن معبد بن هرمز، عن سعيد بن المسيب، قال: حضر رجلا من الأنصار الموت، فقال: إني محدثكم حديثا ما أحدثكموه إلا احتسابا، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا توضأ أحدكم فأحسن الوضوء، ثم خرج إلى الصلاة لم يرفع قدمه اليمنى إلا كتب الله عز وجل له حسنة، ولم يضع قدمه اليسرى إلا حط الله عز وجل عنه سيئة فليقرب أحدكم أو ليبعد فإن أتى المسجد، فصلى في جماعة غفر له، فإن أتى المسجد وقد صلوا بعضا وبقي بعض صلى ما أدرك وأتم ما بقي كان كذلك، فإن أتى المسجد وقد صلوا فأتم الصلاة كان كذلك»

كان الصحابة رضوان الله عليهم يحرصون على تعليم الناس من بعدهم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم
وفي هذا الحديث يخبر سعيد بن المسيب أحد التابعين أن رجلا من الأنصار- وهذا إشارة إلى كونه صحابيا- لما حضره الموت، أي: علامات الموت؛ كمرض أو ما شابه، فقال الصحابي رضي الله عنه: "إني محدثكم حديث"ا، أي: حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، "ما أحدثكموه إلا احتسابا"، أي: طلبا للثواب والأجر من الله عز وجل؛ "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا توضأ أحدكم فأحسن الوضوء"، أي: أتمه وأعطى كل عضو حقه من الماء، "ثم خرج إلى الصلاة"، أي: ذاهبا إلى المسجد، "لم يرفع قدمه اليمنى"، أي: يخط برجله اليمنى وهو في طريقه إلى المسجد، "إلا كتب الله عز وجل له حسنة"، أي: عن كل خطوة برجله اليمنى، "ولم يضع قدمه اليسرى"، أي: يخط بها، "إلا حط الله عز وجل عنه سيئة"، أي: عن كل خطوة برجله اليسرى، "فليقرب أحدكم أو ليبعد"، أي: يقارب من خطوات أقدامه، أو يباعد بينها، وهذا تحريض منه صلى الله عليه وسلم للمسلم على تحصيل الخير، وإرشاد له إلى المقاربة بين خطواته وهو في طريقه إلى المسجد؛ لتكثر حسناته
"فإن أتى"، أي: دخل، "المسجد فصلى في جماعة"، أي: لحق بالصلاة ولم يفته منها شيء، "غفر له"، أي: ذنوبه؛ "فإن أتى المسجد وقد صلوا بعضا وبقي بعض"، أي: فاته من الصلاة ركعات، "صلى ما أدرك"، أي: من الركعات، "وأتم ما بقي"، وصلى ما فاته ولم يلحق فيه الجماعة، "كان كذلك"، أي: غفر له مثله مثل من حضرها
"فإن أتى المسجد وقد صلوا"، أي: دخل المسجد وقد انتهت صلاة الجماعة ولم يدركهم في أي جزء منها، "فأتم الصلاة"، أي: صلاها بالمسجد بعد الجماعة التي انتهت، "كان كذلك"، أي: غفر له مثله مثل من حضرها؛ وذلك لأن الأعمال بالنيات وكانت نيته أن يصلي معهم، فغفر له بذلك؛ لئلا يخيب في سعيه ذلك
وفي الحديث: بيان فضل إحسان الوضوء، وبيان فضل صلاة الجماعة