باب ما جاء في المصلي إذا نعس 3

سنن ابن ماجه

باب ما جاء في المصلي إذا نعس 3

حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب، حدثنا حاتم بن إسماعيل، عن أبي بكر بن يحيى بن النضر، عن أبيه
عن أبي هريرة، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا قام أحدكم من الليل، فاستعجم القرآن على لسانه فلم يدر ما يقول، اضطجع" (2).

قِيامُ اللَّيلِ شَرَفُ المؤمِنِ، وفَضْلُه عَظيمٌ؛ لذلكَ حَثَّ الرَّسولُ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم على المُحافَظةِ عليه، وأنْ يُقْبِلَ الإنسانُ عليه حالَ نَشاطِه وقُوَّتِه؛ فإنَّ ذلك أنْفَعُ وأصحُّ.
وفي هذا الحديثِ يُخْبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أنَّه إذا قام المسلمُ لِصَلاةِ نافلةٍ، أو لتِلاوةِ القرآنِ مِن اللَّيلِ، «فَاسْتَعْجَمَ القرآنُ»، أي: اسْتَغْلَقَ وثَقُلَ على لِسانِهِ، فلَمْ يَستطِعْ أنْ يَقرَأَ قِراءةً صَحيحةً ضابطةً لألفاظِه ومَعانِيه؛ لغَلَبةِ النَّومِ عليه، حتَّى إنَّه لا يَعرِفْ ما يَتكلَّمُ به مِنَ القرآنِ، ورُبَّما وقَعَ منه تَحريفٌ وخطأٌ، فإذا حدَثَ ذلك فَلْيَنَمْ، ولا يُصلِّ، ولا يَقرَأْ وهو في هذه الحالِ، ولْيَسْتَرِحْ حتَّى يَرجِعَ إلى نَشاطِه.
فحثَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أُمَّتَه أنْ تَتعبَّدَ بما لا يشُقُّ عليها، وعلى اللهِ القَبولُ، وهذا مِن رَحمةِ اللهِ تعالَى بالأُمَّةِ الإسلاميَّةِ أنْ رفَعَ عنها الحرَجَ والمَشقَّةَ في عِبادتِها، وأراد لها اليُسرَ ولم يُرِدْ بها العُسرَ، كما جاء في قولِ اللهِ تعالَى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185]، وقولِه: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286].
وفي الحديثِ: الحَثُّ على الإقبالِ على الصَّلاةِ بِخُشُوعٍ وفَراغِ قلْبٍ ونَشاطٍ.