باب ما جاء في الوضوء مرة مرة 3
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو كريب، حدثنا رشدين بن سعد، أخبرنا الضحاك بن شرحبيل، عن زيد بن أسلم، عن أبيه
عن عمر، قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة (1) توضأ واحدة واحدة (2).
الطَّهارةُ والوُضوءُ مِن شُروطِ صِحَّةِ الصلاةِ، وقد علَّمَنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم كيفيَّةَ التَّطهُّرِ والوُضوءِ ووضَّح الرُّخَصَ والعَزائمَ في ذلك؛ تيسيرًا على النَّاسِ، وبَيانًا لِمَواضِعِ وأوقاتِ الرُّخَصِ.
وفي هذا الحديثِ يَقولُ عُمَرُ بنُ الخطَّابِ رَضِي اللهُ عَنه: "رأَيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في غزوةِ تَبوكَ"، وكانَت هذه الغزوةُ في السَّنَةِ التَّاسعةِ مِن الهِجرةِ، وتُسمَّى بغَزْوةِ العُسْرةِ، وتَبوكُ تَقعُ في أقْصى شَمالِ الجَزيرةِ العرَبيَّةِ، وكانتْ هذه الغزوةُ ضدَّ الرُّومِ، وقولُه: "توَضَّأَ واحدةً واحدةً"، أي: توضَّأ وغسَل كلَّ عضوٍ مِن أعضاءِ وُضوئِه مرَّةً واحدةً، ولعَلَّ هذا لِبَيانِ الرُّخصةِ والجوازِ أو لقِلَّةِ الماءِ، وهذا هو أقَلُّ حدٍّ للوُضوءِ الَّذي لا تُقبَلُ الصَّلاةُ إلَّا به عندَ وُجودِ الماءِ، على أنَّ السُّنَّةَ المتواتِرةَ تَدُلُّ على أنَّ الوُضوءَ التَّامَّ يَكونُ بغَسْلِ الأعضاءِ ثَلاثًا ثلاثًا؛ فبيَّن النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أنَّ فرْضَ الوُضوءِ مرَّةً مرَّةً.
وثبَت في الصحيح عنه صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه توضَّأ أيضًا مرَّتَينِ مرَّتينِ، وثًلاثًا وثلاثًا، ولم يَزِدْ على ثلاثٍ، وقدْ نُهي عن الإسرافِ في الوضوءِ ومُجاوزةِ فِعْلِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم .