باب ما جاء في بول ما يؤكل لحمه
عن أنس، أن ناسا من عرينة قدموا المدينة، فاجتووها، فبعثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في إبل الصدقة، وقال: «اشربوا من ألبانها وأبوالها»، فقتلوا راعي رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستاقوا الإبل، وارتدوا عن الإسلام، فأتي بهم النبي صلى الله عليه وسلم، فقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، وسمر أعينهم، وألقاهم بالحرة "، قال أنس: «فكنت أرى أحدهم يكد الأرض بفيه، حتى ماتوا»، وربما قال حماد: «يكدم الأرض بفيه حتى ماتوا». هذا حديث حسن صحيح غريب، وقد روي من غير وجه عن أنس " وهو قول أكثر أهل العلم، قالوا: لا بأس ببول ما يؤكل لحمه
هذا الحديثُ جُزءٌ من حديثِ آخَرَ، وفيه يقولُ أنسُ بنُ مالكٍ رضِيَ اللهُ عنه- كما في الصَّحيحينِ-: "قدِمَ أُناسٌ من عُكْلٍ أو عُرينةَ، فاجْتَوَوا المدينةَ"، أي: كَرِهُوها لسُقمٍ أصَابهم، "فأمَرَهم النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بلِقاحٍ، وأنْ يَشْربوا من أبوالِها وألْبانِها، فانْطَلقوا، فلمَّا صَحُّوا، قَتَلوا راعيَ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، واستاقوا النَّعَمَ، فجاء الخبرُ في أوَّلِ النَّهارِ، فبعَثَ في آثارِهم، فلمَّا ارتفَعَ النَّهارُ، جِيءَ بهم... الحديثَ"، وهنا اقتَصَر المصنِّفُ على قولِ أنسٍ رضِيَ اللهُ عنه: "إنَّما سمَلَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أعيُنَ أولئك؛ لأنَّهم سَمَلوا أعيُنَ الرُّعاةِ"، وسمَلَ أعيُنَهم، أي: فقَأَها؛ مُعاقبةً بمثْلِ ما فَعَلوه في الرَّاعي، ونزَلَتْ فيهم آيةُ المُحاربةِ"، وهي قولُه تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [المائدة: 33].
وفي الحديثِ: المُعاقبةُ بالمثْلِ، وذلك بأمْرِ الحاكمِ أو القاضي.