‌‌باب ما جاء في بيع الخمر والنهي عن ذلك

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء في بيع الخمر والنهي عن ذلك

حدثنا حميد بن مسعدة قال: حدثنا المعتمر بن سليمان، قال: سمعت ليثا يحدث، عن يحيى بن عباد، عن أنس، عن أبي طلحة أنه قال: يا نبي الله، إني اشتريت خمرا لأيتام في حجري، قال: «أهرق الخمر، واكسر الدنان» وفي الباب عن جابر، وعائشة، وأبي سعيد، وابن مسعود، وابن عمر، وأنس: حديث أبي طلحة، روى الثوري هذا الحديث، عن السدي، عن يحيى بن عباد، عن أنس، أن أبا طلحة كان عنده وهذا أصح من حديث الليث
‌‌

مِن مَقاصدِ الإسلامِ: حفْظُ الضَّروريَّاتِ الخَمْسِ؛ وهي الدِّينُ، والنَّفْسُ، والعِرْضُ، والعَقْلُ، والمالُ، وقدْ حرَّم كلَّ شَيءٍ يُؤدِّي إلى الضَّررِ بهذه الخمْسِ، ومِن ذلكَ أنَّه حرَّم الخمْرَ؛ لأنَّها تَضُرُّ العقْلَ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ أبو طَلْحةَ الأنصارِيُّ رَضِي اللهُ عَنه أنَّه قال: «يا نَبيَّ اللهِ، إنِّي اشترَيتُ خمْرًا لِأيْتامٍ في حَجْري»؛ أي: يُتاجِرُ لهم بها لِما كان يَلِي مِن أمْرِهم، فقال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: «أهرِقِ الخمْرَ»؛ أي: ألْقِها وصُبَّها على الأرْضِ، والمرادُ مِن صَبِّها في الأرْضِ ألَّا يَنتفِعَ بها أحَدٌ بعدَه، «واكسِرِ الدِّنانَ»؛ جمْعُ دَنٍّ، وهو: الأوعِيةُ والأَواني الَّتي تكونُ فيها الخمْرُ؛ قيلَ: والأمرُ بَكسرِ «الدِّنَانِ» مُشكِلٌ بعدَ بَيانِ أنَّها لِأَيْتامٍ؛ فإنَّه يَكفي غَسْلُها، وتبقَى أَعْيانُها؛ لأنَّها مالُ يَتيمٍ، وقد نُهِيَ أيضًا عن إضاعةِ المالِ.
والجوابُ: أنَّه يَحتمِلُ أنْ يكونَ المرادُ: اكسِرِ الدِّنانَ إنْ لمْ يَذهَبْ أثَرُ الخَمرِ بالغَسلِ. وقيلَ: أنَّ هذا مبالَغةٌ في الزَّجْرِ، وتأكِيدٌ للنَّهيِ.
وفي رِوايةٍ أنَّه قال للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «أفلا أجعَلُها خَلًّا؟». فقال: «لا».
وفي الحَديثِ: أنَّ الخَمْرَ ليسَتْ لها قِيمةٌ، ولا تُعَدُّ مالًا.