باب ما جاء في تشميت العاطس
سنن الترمذى
حدثنا قتيبة قال: حدثنا محمد بن موسى المخزومي المديني، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «للمؤمن على المؤمن ست خصال، يعوده إذا مرض ويشهده إذا مات، ويجيبه إذا دعاه، ويسلم عليه إذا لقيه، ويشمته إذا عطس، وينصح له إذا غاب أو شهد». «هذا حديث صحيح ومحمد بن موسى المخزومي المديني ثقة روى عنه عبد العزيز بن محمد، وابن أبي فديك»
رابطةُ الإسلامِ والإيمانِ تفوقُ رابطةَ الدَّمِ والنَّسبِ، وللمُسلمِ حُقوقٌ على أخيه المُسلمِ بهذه الرَّابطةِ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "للمُؤمِنِ على المُؤمِنِ سِتُّ خِصالٍ"، أي: سِتُّ صِفاتٍ واجباتٍ هي حَقُّ المُسلمِ نحوَ أخيه المُسلمِ؛ الأُولى: "يعودُه إذا مرِضَ"، أي: يزورُه في مرَضِه؛ ليُؤانِسَه ويَدْعوَ له بالعافيةِ، كما كان يفعَلُ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مع أصحابِه، والثَّانيةُ: "ويشهَدُه إذا مات"، أي: يَحضُرُ وقْتَ نزْعِه، أو يُشيِّعُ جنازتَه ويشهَدُ الصَّلاةَ على جِنازتِه إذا ماتَ، ودَفْنَه، والثَّالثةُ: "ويُجيبُه إذا دعاهُ"، أي: يُلبِّي ويحضُرُ إذا طلَبَ حُضورَه عنده لأيِّ مُناسبةٍ؛ مثلُ العُرْسِ، أو الطَّعامِ، أو غيرِ ذلك، والرَّابعةُ: "ويُسلِّمُ عليه إذا لقِيَه"، أي: أنْ يُلْقي عليه السَّلامَ بالقولِ، أو يُسلِّمَ باليدِ إذا كان مُمْكِنًا، والخامسةُ: "ويُشمِّتُه إذا عطَسَ"، أي: يَدْعو له بقولِه: يرحَمُك اللهُ، والسَّادسةُ: "وينصَحُ له إذا غاب أو شهِدَ"، أي: يريدُ الخيرَ للمُؤمنِ ويُرشِدُه إليه، ويحِبُّه له في حُضورِه وغِيابِه، فلا يتملَّقُ في حُضورِه ويغتابُ في غَيبتِه؛ فإنَّ هذا من صِفاتِ المُنافقين، وأصْلُ النُّصحِ: تحرِّي قولٍ أو فعْلٍ فيه إصلاحُ المنصوحِ.
وهذه الحُقوقُ مُتبادَلةٌ بين المُسلمين جميعًا، فيشمَلُ ذلك كلَّ المُجتمعِ، فيسودُ السَّلامُ والوُدُّ والتَّآلفُ.
وفي الحديثِ: حِرْصُ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على ترابُطِ المُسلمين وحُسْنِ المُعاشرةِ بينهم.
وفيه: بَيانُ حُقوقِ المُسلِمين على بَعضِهم البعضِ، التي بها يظهَرَ أثَرُ الإسلامِ والإيمانِ في التَّراحُمِ والتَّواصُلِ فيما بينهم.