باب ما جاء في شد الأسنان بالذهب
سنن الترمذى
حدثنا أحمد بن منيع قال: حدثنا علي بن هاشم بن البريد، وأبو سعد الصاغاني، عن أبي الأشهب، عن عبد الرحمن بن طرفة، عن عرفجة بن أسعد قال: أصيب أنفي يوم الكلاب في الجاهلية، فاتخذت أنفا من ورق، فأنتن علي «فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتخذ أنفا من ذهب» حدثنا علي بن حجر قال: حدثنا الربيع بن بدر، ومحمد بن يزيد الواسطي، عن أبي الأشهب نحوه.: هذا حديث حسن إنما نعرفه من حديث عبد الرحمن بن طرفة وقد روى سلم بن زرير، عن عبد الرحمن بن طرفة نحو حديث أبي الأشهب. وقد روى غير واحد من أهل العلم أنهم شدوا أسنانهم بالذهب، وفي هذا الحديث حجة لهم وقال عبد الرحمن بن مهدي: سلم بن رزين وهو وهم وزرير أصح وأبو سعد الصاغاني: اسمه محمد بن ميسر
جاءتِ الشريعةُ الإسلاميَّةُ بالتيسيرِ لا التعسيرِ؛ ومِن القواعدِ الكليَّةِ في الشريعةِ أنَّ الضروراتِ تُبيحُ المحظوراتِ، وأنَّ المشقَّةَ تَجلِبُ التيسيرَ.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ عبدُ الرحمنِ بنُ طَرَفةَ: أنَّ جَدَّه عَرْفجةَ بنِ أسعدَ، قُطِعَ أَنْفُهُ يَوْمَ الْكُلَابِ"، أي: أُصِيبَ في حَربٍ كانتْ بالجاهِليَّةِ تُدعى يومَ الكُلَابِ، وهو اسمٌ لبِئرٍ كانَت ما بينَ الكُوفةِ والبَصرةِ على سَبعِ ليالٍ مِنَ اليَمامةِ، والليلةُ تُساوي مَرحلةً، والمرحلةُ تُساوي 28 ميلًا تقريبًا (أي: 45كم) قد تزيدُ وقد تَنقُص، ووقعتْ بهِ وَقْعتانِ مَشهورَتانِ عندَ العَربِ مِن أيَّامِ الجاهِليَّةِ يقال لهما: الكلاب الأوَّل والثاني، "فاتخذَ أنفًا مِن وَرِقٍ"، أي: فصُنِعَ لِعَرفَجةَ أنْفٌ مِن فِضَّةٍ، "فأنتنَ علَيهِ"، أي: أصابَتْه رائِحةٌ كَريهةٌ لاستخدامه الفضة، أي: من أثَرِ وَضعِ الفِضَّةِ على مَوضعِ أنفِه، "فأمرُهُ النبيُّ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّم، فاتَّخذَ أنفًا مِن ذَهبٍ"، أي: فصُنِعت لَه أنفٌ مِن الذَّهبِ؛ وذلك لأنَّ الذهبَ لا يُنتنُ، وهو وإنْ كان مُحرَّمًا على الرجالِ، إلَّا أنَّه أُبيحَ له للضرورةِ، وهو أنْ يكونَ الذهبُ على الوجهِ الذي لا يُمكن لغيرِه أن يُؤدِّيَ الغرضَ المقصودَ.