باب ما جاء في صفة جماع أهل الجنة
سنن الترمذى
حدثنا محمد بن بشار، ومحمود بن غيلان، قالا: حدثنا أبو داود الطيالسي، عن عمران القطان، عن قتادة، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «يعطى المؤمن في الجنة قوة كذا وكذا من الجماع»، قيل: يا رسول الله أو يطيق ذلك؟ قال: «يعطى قوة مائة» وفي الباب عن زيد بن أرقم: «هذا حديث صحيح غريب لا نعرفه من حديث قتادة، عن أنس إلا من حديث عمران القطان»
الدُّنيا بما فيها عرَضٌ زائلٌ، والنَّعيمُ الكاملُ والدائمُ في الآخِرَةِ؛ فاللهُ سُبحانَه يُجزِلُ العَطاءَ والمثوبةَ لعِبادِه الطَّائعين في الجنَّةِ، ويُعطيهم اللهُ مِن الجَمالِ والقوَّةِ ما يتَلذَّذون به بالنَّعيمِ أضعافًا مُضاعَفةً، ولا وجْهَ للمقارَنةِ بينَ نَعيمِ الدُّنيا ونعيمِ الآخِرَةِ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "يُعطَى المؤمِنُ في الجنَّةِ قوَّةَ كذا وكذا مِن الجِماعِ"، وفي هذا كنايةٌ عن كَثرةِ عَددِ النِّساءِ الَّتي يجامِعُها، وقيل: هو كنايةٌ عن عددِ مرَّاتِ الجِماعِ؛ وذلك لأنَّه لَمَّا كانتِ النِّساءُ مِن أضرِّ الفِتنِ على الرِّجالِ في الدُّنيا، جعَل اللهُ لِمَن يَتَّقيها في الدُّنيا ما يُقابِلُها في الجنَّةِ مِن الأجرِ والثَّوابِ عِوَضًا عنها؛ حيثُ جعَلَ له مِن الحُورِ العِينِ ومِن جمالِها ما لا يُضاهيه في نِساءِ الدُّنيا وأعطاه هذه القُوَّةَ العظيمةَ؛ ليتمتَّعَ المتعةَ الكاملةَ.
"قيل"، أي: مِن بعضِ الصَّحابةِ: "يا رسولَ اللهِ، أوَيُطِيقُ ذلك؟"، أي: هل سيَقدِرُ على هذا القدْرِ مِن الجِماعِ؟! وذلك تَعجُّبًا منهم على ما قارَنوه بما يَقدِرُ عليه الإنسانُ في الدُّنيا وما يُصيبُه مِن فُتُورٍ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "يُعطَى قوَّةَ مئةٍ"، أي: إنَّ بِنْيَتَه الجِسميَّةَ في الجنَّةِ تكونُ في قوَّةِ مِئةِ رجُلٍ مِن أهلِ الدُّنيا، فإذا كان له تِلك القوَّةُ في الجنَّةِ كان له ما يقابِلُها مِن جِماعٍ، ولا فُتورَ في الجنَّةِ.
وفي الحديثِ: بيانُ فضلِ الله عزَّ وجلَّ على المؤمنينَ في الجَنَّة، وسَعةِ نعيمِه.