باب ما جاء في صلاة الكسوف 1
سنن ابن ماجه
حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، حدثنا أبي، حدثنا إسماعيل ابن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم
عن أبي مسعود، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد من الناس، فإذا رأيتموه فقوموا فصلوا" (2).
الشَّمسُ والقمرُ آيَتانِ عَظيمتانِ مِن آياتِ اللهِ سُبحانَه، وجَرَيانُهما وتَعاقُبُهما يدُلُّ على دِقَّةِ الخالقِ وإحكامِ صَنعتِه، ولَمَّا كان يَقَعُ لهما الخُسوفُ والكُسوفُ، فإنَّ هذا يَسْتدعي الخوفَ مِن انطِماسِهِما ووُقوعِ القِيامةِ، ويَقتضِي اللُّجوءَ إلى اللهِ تعالَى بالصَّلاةِ والدُّعاءِ.
وفي هذا الحديثِ يَروي المغيرةُ بنُ شُعبةَ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ الشَّمسَ قد كَسَفَتْ على عَهدِ رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يومَ مات إبْراهِيمُ ابنُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، مِن ماريةَ القِبطيَّةِ، وقدْ تُوفِّيَ وعُمرُه ثمانيةَ عشَرَ شَهرًا، والكُسوفُ: احتِجابُ ضَوءِ الشمسِ أو القمرِ بسَببٍ مُعتادٍ مِن الله عزَّ وجلَّ، وأكثرُ ما يُعبَّرُ عن الشَّمسِ بالكسوفِ، وعن القمَرِ بالخُسوفِ، وقد يُعبَّرُ بأحدِهما عن الآخَرِ، فقال النَّاسُ: «كَسَفَتِ الشَّمسُ لموتِ إبراهيمَ»؛ ظنًّا منهم أنَّ هذا الأمرَ لا يَحدُثُ إلَّا لموتِ عَظيمٍ، فصحَّحَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لهم هذا الفَهمَ الخَطَأَ، فقال: «إنَّ الشَّمسَ والقَمَرَ لا يَنكسِفانِ لموتِ أحدٍ ولا لحياتِه»، ثُمَّ أمَرَهم بما يَنبغي لهم أنْ يَفعَلوه عندَ رُؤيةِ ذلك، فقال: «فإذا رأيتُم فصَلُّوا، وادْعُوا اللهَ»، أي: إذا رَأيتُم كُسوفَ الشَّمسِ أو القَّمرِ فافْزَعوا إلى الصَّلاةِ، وصَلاةُ الكُسوفِ رَكعتانِ بهَيئةٍ مَخصوصةٍ، وادْعُوا اللهَ وتَضرَّعوا له حتَّى يَنجلِيَ هذا الكُسوفُ. والمشهورُ في كَيفيَّةِ صَلاةِ الكُسوفِ: أنَّها ركعَتانِ، في كُلِّ رَكعةٍ قِيامَانِ وقراءَتانِ، ورُكوعانِ وسُجودانِ، سَواءٌ تَمادَى الكسوفُ أمْ لا.
وفي الحديثِ: إبطالُ ما كان أهلُ الجاهليَّةِ يَعتقِدونَه مِن تَأثيرِ الكواكبِ في الأقدارِ.
وفيه: بَيانُ قُدرةِ اللهِ تعالَى وتصَرُّفِه في مَخلوقاتِه.
وفيه: أنَّه يَجِبُ الرُّجوعُ إلى اللهِ في المُلِمَّاتِ والشَّدائدِ.