باب ما جاء في عذاب القبر وقوله تعالى {إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطو أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون}
بطاقات دعوية
عن البراء بن عازب رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
"إذا أقعد المؤمن في قبره أتي، ثم شهد (وفي رواية: المسلم إذا سئل في القبر؟ يشهد 5/ 220) أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، فذلك قوله: {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت} "؛ [نزلت في عذاب القبر]
مِن رَحمةِ اللهِ بهذِه الأُمَّةِ الإسلاميَّةِ أنَّه جعَلَ التَّوحيدَ بطاقةَ نَجاةٍ في الدُّنيا، وعندَ السُّؤالِ في القَبْرِ، وكذلك في الآخِرة؛ فإنَّه يكونُ أثقَلَ في الميزانِ مِن كلِّ الأعمالِ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن المسلمَ إذا سَألَه المَلَكانِ بعْد مَوتِه ودَفْنِه في القبر، فإنَّه يَرُدُّ بالشَّهادتينِ: بالتَّوحيدِ للهِ، وللنَّبيِّ محمَّد صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالرَّسالةِ، فيكون ذلك سَببًا في نجاتِه، وقد جاء في الرِّواياتِ أنَّه يُسأَلُ عن رَبِّه، ودينِه، ورَسولِه الذي بُعِث فيه، فإذا أجاب العبْدُ المؤمنُ بهذا الرَّدِّ، كان كما قال اللهُ تعالَى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [إبراهيم: 27]، فيُحَقِّقُ اللهُ إيمانَهم وأعمالَهم بالقَولِ الثَّابتِ -وهو شَهادةُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ- في الدُّنيا وفي الآخِرةِ.
وتثبيتُهم في الدُّنيا: أنَّهم إذا فُتِنوا في دينِهم لم يزالوا على الحَقِّ، ولم يرتابوا بالشُّبُهاتِ، وتثبيتُهم في الآخرةِ: أنَّهم إذا سُئِلوا في القبرِ لم يتوقَّفوا في الجوابِ، وإذا سُئِلوا في الحَشرِ وعند موقِفِ الإشهادِ عن مُعتَقَدِهم ودينِهم؛ لم تُدهِشْهم أهوالُ القيامةِ.
والنُّطق بالشَّهادتين من توفيقِ الله وتَثْبيته للمؤمنين، وهذا هو القولُ الثَّابتُ الذي لا يَتغيَّر في الدنيا والآخرة؛ فقدْ ثَبَّت الله به المؤمنين في الحياةِ الدُّنيا كما حدَث مع الموحِّدين في كلِّ المِحنِ، ويُثبِّتهم بها في الآخرةِ؛ فتكون سببًا لنَجاتِهم وفوزِهم بالجَنَّةِ.
وفي الحديث: فَضلُ شَهادةِ التَّوحيدِ.
وفيه: بيانُ ابتلاءِ اللهِ للمؤمنين في القُبورِ.
وفيه: إثباتُ سُؤالِ القبرِ.