باب ما جاء في غسل النساء من الجنابة 2
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا إسماعيل ابن علية، عن أيوب، عن أبي الزبير، عن عبيد بن عمير، قال:
بلغ عائشة أن عبد الله بن عمرو يأمر نساءه إذا اغتسلن، أن ينقضن رؤوسهن، فقالت: يا عجبا لابن عمرو هذا، أفلا يأمرهن أن يحلقن رؤوسهن، لقد كنت أنا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - نغتسل من إناء واحد، فلا أزيد على أن أفرغ على رأسي ثلاث إفراغات (2).
التِّيسيرُ من مَحاسنِ الشَّريعةِ الإسلاميَّةِ الغَرَّاءِ، ويَتجلَّى هذا التَّيسيرُ في أحكامٍ شَتَّى، منها أحكامُ الطَّهارةِ والاغتِسالِ.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ التَّابعيُّ عُبَيدُ بنُ عُمَيرٍ الليثيُّ أنَّه بَلَغَ أُمَّ المؤمِنينَ عائشةَ رَضيَ اللهُ عنها أنَّ عبدَ اللهِ بنَ عَمرِو بنِ العاصِ رَضيَ اللهُ عنهما يَأمُرُ النِّساءَ أن يَنقُضنَ ضَفائرَ شُعورِهنَّ أثناءَ الاغتِسالِ حتَّى يَتخلَّلَ الماءُ ويَصِلَ إلى جميعِ الشَّعرِ، ويُحمَلُ هذا على أنَّه أرادَ إيجابَ ذلك عليهنَّ، ويَكونُ ذلك في الشَّعرِ الذي لا يَصِلُ إليه الماءُ، أو يَكونُ مَذهبًا له أنَّه يَجِبُ النَّقضُ بكلِّ حالٍ.
فلمَّا سَمِعت بذلك عائشةُ رَضيَ اللهُ عنها تَعجَّبَت، وأنَكَرت عليه قولَه؛ لأنَّه يَصعُبُ عليهِنَّ جِدًّا، ثُمَّ قالت: أفَلَا يَأمُرُهنَّ أن يَحلِقنَ رُؤوسَهُنَّ! وهذا من بابِ التَّهكُّمِ، وكانَ دَليلُ إنكارِها على عبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو رَضيَ اللهُ عنهما: أنَّها كانَت تَغتسِلُ هي ورَسولُ اللهِ صلَّى اللهِ عليه وسلَّمَ في إناءٍ واحِدٍ، فتَصُبُّ الماءَ على رأسِها ثَلاثَ مَرَّاتٍ دُونَ أن تَنقُضَ شَعرَ رأسِها، وعائشةُ رَضيَ اللهُ عنها أعلَمُ النَّاسِ بِمثلِ هذِه الأمورِ.
وهو ما جاءَ صريحًا في حديثِ أمِّ سَلمةَ رَضيَ اللهُ عنها عندَ مُسلمٍ: «قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، إنِّي امْرَأَةٌ أشُدُّ ضَفْرَ رَأْسِي فأنْقُضُهُ لِغُسْلِ الجَنَابَةِ؟ قالَ: لَا؛ إنَّما يَكْفِيكِ أنْ تَحْثِي علَى رَأْسِكِ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ، ثُمَّ تُفِيضِينَ عَلَيْكِ المَاءَ فَتَطْهُرِينَ».
وفي الحَديثِ: دَلالةٌ على أنَّه لا يَجِبُ على المَرأةِ نَقضُ ضَفيرَتِها في الاغتِسالِ.