باب ما جاء في فضل التلبية والنحر1
سنن الترمذى
حدثنا محمد بن رافع قال: حدثنا ابن أبي فديك، ح وحدثنا إسحاق بن منصور قال: أخبرنا ابن أبي فديك، عن الضحاك بن عثمان، عن محمد بن المنكدر، عن عبد الرحمن بن يربوع، عن أبي بكر الصديق، أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل: أي الحج أفضل؟ قال: «العج والثج»
الحجُّ رُكنٌ من أرْكانِ الإسلامِ العِظامِ، وهو فَرْضٌ على مَنِ استَطاعَ إليه سَبيلًا، وفي أدائِهِ ثَوابٌ وجَزاءٌ كَبيرٌ؛ فهو يُكفِّرُ الخَطايا، ويَمْحو الذُّنوبَ، ويَخرُجُ العبدُ منه كيَومِ ولَدَتْهُ أُمُّهُ، وفي هذا الحديثِ يَرْوي أبو بَكرٍ الصِّدِّيقُ رضِيَ اللهُ عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم سُئِلَ: "أيُّ الحجِّ أفضَلُ؟ بمَعْنى ما أفضَلُ أعْمالِ الحَجِّ بعدَ تَحْقيقِ فِعلِ أركانِهِ وشُروطِهِ وواجباتِهِ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "العَجُّ"، وهو أنْ يَجهَرَ المُلبِّي بالتَّلبيةِ، ويَرفَعَ بها صوتَهُ وهي: "لبَّيْكَ اللَّهمَّ لبَّيْكَ، لبَّيْكَ لا شَريكَ لك لبَّيْكَ"، وهي تَعني إجابةَ المُلبِّي لنِداءِ اللهِ بعدَ إجابةٍ، وتتضمَّنُ المحَبَّةَ الكامِلةَ بالْتِزامِ الطَّاعةِ والإقامةِ عليها، "إنَّ الحمْدَ والنِّعمةَ لك والمُلكَ، لا شَريكَ لك"، وفي هذا اعتِرافٌ للهِ بأنَّه مالِكُ المُلكِ، وأنَّه هو الواحِدُ الأحَدُ لا شَريكَ له، ثمَّ قالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "والثَّجُّ"، وهو ذَبحُ الهَدْيِ والأَضاحيِّ، وإراقةُ دِمائِها وسَيَلانُها، وقيلَ: إنَّه يُريدُ بذلك كُلَّ أفْعالِ الحجِّ مِن أوَّلِها إلى مُنتَهاها؛ لأنَّها تَبدَأُ بالذِّكرِ والتَّلبيةِ، وتنتَهي بالذَّبحِ والهَدْيِ؛ فذكَرَ الحدَّينِ لِيَشمَلَ ما بيْنَهما مِن أعْمالٍ، كأنَّ كُلَّ أعْمالِ الحجِّ عَظيمةٌ وجَليلةٌ ويَنبَغي إتمامُها .