‌‌باب ما جاء في فضل من اغبرت قدماه في سبيل الله

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء في فضل من اغبرت قدماه في سبيل الله

حدثنا أبو عمار الحسين بن حريث قال: حدثنا الوليد بن مسلم، عن يزيد بن أبي مريم، قال: لحقني عباية بن رفاعة بن رافع، وأنا ماش إلى الجمعة، فقال: أبشر، فإن خطاك هذه في سبيل الله، سمعت أبا عبس يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من اغبرت قدماه في سبيل الله فهما حرام على النار»: هذا حديث حسن صحيح. وأبو عبس اسمه عبد الرحمن بن جبر. وفي الباب عن أبي بكر، ورجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.: ويزيد بن أبي مريم هو رجل شامي، روى عنه الوليد بن مسلم، ويحيى بن حمزة، وغير واحد من أهل الشام، وبريد بن أبي مريم كوفي، أبوه من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، واسمه مالك بن ربيعة. وبريد بن أبي مريم سمع من أنس بن مالك. وروى عن بريد بن أبي مريم، أبو إسحاق الهمداني، وعطاء بن السائب، ويونس بن أبي إسحاق، وشعبة، أحاديث
‌‌

وعَدَ اللهُ سُبحانَه وتعالَى المُجاهِدينَ في سَبيلِه بالأجْرِ الجَزيلِ، والثَّوابِ العظيمِ؛ فحرَّمَ على النَّارِ أقْدامَهم الَّتي اغبَرَّتْ -أي: أصابَها الغُبارُ- في سَبيلِ اللهِ، كما جاءَ في هذا الحَديثِ، وإنَّما ذكَرَ القَدَمينِ وإنْ كان الغُبارُ يعُمُّ البدَنَ كلَّه؛ لأنَّ أكثرَ المجاهِدينَ في ذلك الزَّمانِ كانوا مُشاةً، والأقدامُ تَتغبَّرُ على كلِّ حالٍ، سواءٌ كان الغبارُ قَويًّا أو ضَعيفًا، ولأنَّ أساسَ ابنِ آدَم على القدَمينِ، فإذا سَلِمَتِ القدَمانِ مِن النَّارِ سَلِمَ سائرُ أعضائِه منها، وهذا وعْدٌ مِن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ووَعْدُه حقٌّ.وسَبيلُ اللهِ وإنْ كان الأصلُ في إطلاقِه على الجِهادِ، فإنَّه يُطلَقُ أيضًا على كلِّ طاعةٍ، فيَشمَلُ الخارجَ إلى الصَّلاةِ، وطَلَبِ العِلمِ، ونحوِ ذلك؛ فعلَى ذلك يُرجَى لكلِّ مَن أصابَ قدَمَه الغُبارُ وهو يَسيرُ إلى أيِّ طاعةٍ كانتْ، أنَّه مُحرَّمٌ على النَّارِ.