‌‌باب ما جاء في معيشة النبي صلى الله عليه وسلم وأهله6

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء في معيشة النبي صلى الله عليه وسلم وأهله6

حدثنا قتيبة قال: حدثنا جعفر بن سليمان، عن ثابت، عن أنس، قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يدخر شيئا لغد»: «هذا حديث غريب» وقد روي هذا الحديث عن جعفر بن سليمان، عن ثابت، عن النبي صلى الله عليه وسلم «مرسلا»

في هذا الحديثِ يقولُ أنَسٌ رضِيَ اللهُ عَنه: "كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم لا يَدَّخِرُ شيئًا لغدٍ"، أي: لم يَكُنْ يَحبِسُ ويدَّخِرُ شيئًا لنَفسِه، وهذا مِن زُهدِه وحُسنِ تَوكُّلِه على اللهِ، واليقينِ فيما عِندَه سبحانه وتعالى. وأمَّا ما وقَع مِن حَبسِه لأهلِه قوتَ سنَتِهم، فهذا ليس له بل لأهلِه، فإنْ لم يكُنْ أهلُه موجودِينَ، لم يدَّخِرْ شيئًا، وقيل: لم يدَّخِرْ على أمَلِ البقاءِ إلى الغدِ، وكان ادِّخارُه إنَّما جاء مِن ضَرورةِ الواقعِ؛ لأنَّ الَّذي كان يدَّخِرُ لَم يَكُنْ يُحصَّلُ إلَّا مِن السَّنةِ إلى السَّنةِ، لأنَّه كان إمَّا تمرًا وإمَّا شعيرًا، ومع كونِه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم كان يحتَبِسُ قوتَ سنَةٍ لعِيالِه؛ فكان في طُولِ السَّنةِ ربَّما طلَبه مِنهم لِمَن يَرِدُ عليه مِن الضِّيفانِ والوفودِ ويُعوِّضُهم عنه؛ ولذلك مات صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم ودِرْعُه مرهونةٌ على شَعيرٍ اقتَرَضه قوتًا لأهلِه.
وفي الحديثِ: بيانُ شدَّةِ حالِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وزُهدِه في الدُّنيا، وحُسنِ تَوكُّلِه على اللهِ عزَّ وجلَّ.