باب ما جاء فيمن زار قوما فلا يصل بهم
سنن الترمذى
حدثنا محمود بن غيلان، وهناد، قالا: حدثنا وكيع، عن أبان بن يزيد العطار، عن بديل بن ميسرة العقيلي، عن أبي عطية، رجل منهم قال: كان مالك بن الحويرث يأتينا في مصلانا يتحدث، فحضرت الصلاة يوما، فقلنا له: تقدم، فقال: ليتقدم بعضكم حتى أحدثكم لم لا أتقدم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من زار قوما فلا يؤمهم، وليؤمهم رجل منهم»: " هذا حديث حسن صحيح والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم قالوا: صاحب المنزل أحق بالإمامة من الزائر «،» وقال بعض أهل العلم: إذا أذن له فلا بأس أن يصلي به «،» وقال إسحاق بحديث مالك بن الحويرث، وشدد في أن لا يصلي أحد بصاحب المنزل، وإن أذن له صاحب المنزل " قال: " وكذلك في المسجد، لا يصلي بهم في المسجد إذا زارهم، يقول: يصلي بهم رجل منهم "
_________
لإمامةِ الصَّلاةِ أحكامٌ خاصَّةٌ بها، ومن ذلك أنْ يكونَ إمامُ القَوْمِ فِي الصَّلَاةِ مِنهُم، مع مراعاةِ بقيَّةِ الشُّروطِ الشرعيَّةِ في ذلك، وفي هذا الحديثِ يقولُ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ علَيْهِ وسَلَّم يَقُولُ: "مَن زَارَ قَوْمًا فَلا يَؤُمَّهُمْ"، أي: إِذَا دخَل وقتُ الصَّلَاةِ وجَعَلوه إمامًا فلا يَؤُمَّهُمْ، "وَلْيَؤُمَّهُم رَجُلٌ مِنهُم"، أي: يَكُونُ الإمامُ مِن هؤلاءِ القَوْمِ أهلِ المَكانِ الَّذِينَ زارَهم لا الضَّيْفَ.
وَهذا الحَدِيثُ يُحمَلُ على أَنَّهُ للإعلامِ بأنَّ صَاحِبَ الدَّارِ أَوْلَى بالإمامةِ، إِلَّا أن يَشاءَ رَبُّ الدارِ فيقَدِّمَ مَن هُوَ أفضلُ منه، بِدَلِيلِ تَقديمِ عِتْبَانِ بنِ مَالِكٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ علَيْهِ وسَلَّم فِي بَيتِه، أو يُحمَلُ حديثُ عِتبَانَ على أنَّ الإمامَ الأعظمَ ومَن يَجرِي مَجراهُ إِذَا حضَر بمكانٍ مَمْلُوكٍ لَا يتقدَّمُ على مالِكِ الدَّارِ أو المنفعةِ، ولكنْ يَنبغِي للمَالِكِ أن يَأذَنَ لَهُ؛ لِيَجمَعَ بينَ الحَقَّيْنِ: حَقِّ الإمامِ الأعظَمِ فِي التقدُّمِ، وحقِّ المالِكِ فِي مَنْعِ التصرُّفِ فِي سُلطانِه بِغَيْرِ إذنِه، وَهذا معنَى ما فِي حديثِ أبِي مَسْعُودٍ: "ولا يُؤَمُّ الرَّجُلُ فِي سُلطانِه، ولا يُجْلَسُ على تَكْرِمَتِهِ إِلَّا بإذنِه"؛ فإنَّ مالِكَ الشَّيءِ له سُلطانٌ عَلَيْهِ، والإمامُ الأعظمُ سُلطانٌ على المالِكِ، وقولُه: "إِلَّا بإذنِه" يُحتَمَلُ عَوْدُه على الأمرَيْنِ: الإمامةِ والجُلوسِ.