‌‌باب ما جاء فيمن أم قوما وهم له كارهون

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء فيمن أم قوما وهم له كارهون

حدثنا هناد قال: حدثنا جرير، عن منصور، عن هلال بن يساف، عن زياد بن أبي الجعد، عن عمرو بن الحارث بن المصطلق، قال: كان يقال: " أشد الناس عذابا اثنان: امرأة عصت زوجها، وإمام قوم وهم له كارهون "، قال جرير: قال منصور: فسألنا عن أمر الإمام؟ فقيل لنا: «إنما عنى بهذا الأئمة الظلمة، فأما من أقام السنة فإنما الإثم على من كرهه»
‌‌_________

أوصَتِ الشَّريعةُ الإسلاميَّةُ المرأةَ وحثَّتْها على طاعَةِ زَوجِها في غيرِ مَعصيةٍ، وأن تَعرِفَ له حُقوقَه وواجباتِه.
وفي هذا الحَديثِ يَقولُ عمرُو بنُ الحارثِ- وكان أخا جُويرِيَةَ بنتِ الحارثِ زَوجِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم-: "كان يُقالُ"، والمرادُ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم هو القائِل: "أشدُّ النَّاسِ عَذابًا"، أي: إنَّ هناك ناسًا يُعذَّبون عذابًا أليمًا وشديدًا مُقارنةً بغَيرِهم ممَّن يَحِقُّ عليهم العَذابُ، فأشَدُّهم عَذابًا "اثنانِ"، أي: صِنْفان: الصِّنفُ الأوَّل "امرأةٌ عصَتْ زوجَها"، أي: كانَت له عاصيةً ناشزًا؛ بأن تَأْبى وتَمتنِعَ عَن فِراشِه إذا دَعاها، أو أن يَجِدَ مِنها ما لا يَسُرُّه، ولا يَألَفُه، مِن سُوءِ الخُلقِ فتَكونَ مُضيِّعةً لحُقوقِه.
أمَّا الصِّنْفُ الثَّاني: "وإمامُ قَومٍ"، أي: مَن صلَّى بالنَّاسِ إمامًا في الصَّلاةِ "وهُم له"، أي: مَن يُصلِّي وراءَه "كارِهون" له؛ بسبَبِ أمرٍ يتَعلَّقُ بدِينِه؛ مِن كذِبٍ أو فِسقٍ؛ أو لأنَّه جاهلٌ، أمَّا إذا كان صاحبَ دينٍ وسُنَّةٍ، وكانت هذه الكراهةُ لأمرٍ مِن أمورِ الدُّنيا فلا يُلامُ على إمامتِه، وقيل: الكَراهةُ هنا على إطلاقِها؛ لأنَّ المرادَ مِن صلاةِ الجماعةِ هو حصولُ الائتِلافِ والموَدَّةِ والاجتِماعِ.