باب ما جاء لا زكاة على المال المستفاد حتى يحول عليه الحول2
سنن الترمذى
حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا عبد الوهاب الثقفي قال: حدثنا أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، قال: «من استفاد مالا فلا زكاة فيه حتى يحول عليه الحول عند ربه». وهذا أصح من حديث عبد الرحمن بن زيد بن أسلم. ورواه أيوب، وعبيد الله بن عمر، وغير واحد، عن نافع، عن ابن عمر، موقوفا. وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ضعيف في الحديث، ضعفه أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، وغيرهما من أهل الحديث وهو كثير الغلط، وقد روي عن غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: أن لا زكاة في المال المستفاد حتى يحول عليه الحول وبه يقول مالك بن أنس، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. وقال بعض أهل العلم: إذا كان عنده مال تجب فيه الزكاة ففيه الزكاة، وإن لم يكن عنده سوى المال المستفاد - مال تجب فيه الزكاة - لم يجب عليه في المال المستفاد زكاة حتى يحول عليه الحول، فإن استفاد مالا قبل أن يحول عليه الحول، فإنه يزكي المال المستفاد مع ماله الذي وجبت فيه الزكاة، وبه يقول سفيان الثوري، وأهل الكوفة
في هذا الأَثرِ يَقولُ عبدُ اللهِ بنُ عُمرَ رضِيَ اللهُ عنهما: "مَن استفادَ مالًا"، أي: حصَل على مالٍ بلَغ به نِصابَ الزَّكاةِ مِن هِبةٍ، أو مِيراثٍ، أو ربِحَه مِن بيعٍ، أو وجَدَه وحصَّله واكتَسبَه ابتداءً، ولا يكونُ مِن نَتائجِ المالِ السَّابِق، "فلا زكاةَ فيه، حتَّى يحُولَ عليه الحَوْلُ"، أي: حتَّى يمُرَّ عليه عامٌ عندَه فيوجِبَ الزَّكاةَ؛ وذلك أنَّ الزَّكاةَ لا تُوجَبُ إلَّا بشَرطينِ: بُلوغِها النِّصابَ، ومُرورِ عامٍ عليها، "عند ربِّه"، أي: إذا بلَغ بمُرورِه العامَ وهو في حَوزةِ مالكِه.
والمالُ المستفادُ نَوعانِ؛ النوعُ الأوَّل: أنْ يكونَ مِن جِنسِ النِّصابِ الذي عِندَه، كمَن عندَه إبلٌ فاستفادَ إبلًا في أثناءِ الحولِ، وهو قِسمانِ أيضًا؛ أحدُهما: أنْ يكونَ المستفادُ مِن الأصلِ ومِن نتائج المالِ السابقِ كالأرباحِ والأولادِ؛ فإنَّه باتِّفاقِ العلماءِ يُلحقُ بالمالِ الأوَّلِ في المدَّةِ، ويُخرِجُ الزَّكاةَ من الجَميعِ إذا حال عليه الحولُ بمَجيءِ شهرِ زَكاتِه؛ فهذا يُضمُّ إلى بقيَّةِ المالِ ويُزكَّى معه في مِيعادِه إجماعًا، والقِسمِ الثاني: أنْ يَكونَ مُستفادًا بسَببٍ آخَرَ غيرِ الأصلِ كالمُشترَى والموروثِ، وهذا هو المرادُ بالأَثرِ هنا، وقدْ دلَّ الحديثُ أنَّه يُستأنَفُ له حولٌ جَديدٌ. والنوعُ الثاني: أنْ يكون المستفادُ من غَيرِ جنسِ النِّصابِ، كمَن استفادَ بقرًا في وعِندَه نِصابٌ من الإبل؛ وهذا لا ضَمَّ فيه اتفاقًا، بل يُستأنَفُ للمستفادِ حولٌ جديدٌ .