باب ما ذكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلح بين الناس
سنن الترمذى
حدثنا الحسن بن علي الخلال قال: حدثنا أبو عامر العقدي قال: حدثنا كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني، عن أبيه، عن جده، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الصلح جائز بين المسلمين، إلا صلحا حرم حلالا، أو أحل حراما، والمسلمون على شروطهم، إلا شرطا حرم حلالا، أو أحل حراما»: هذا حديث حسن صحيح
الإصلاحُ بين المُتخاصِمينَ من مكارمِ الأخلاقِ، ومحاسنِ الشَّريعةِ الغَرَّاءِ؛ فهو يُؤلِّفُ بين قلوبِ المؤمنين، ويُحافظُ على رُوحِ الأُخُوَّةِ بينهم، وينزِعُ عنهم الأحقادَ والعَداواتِ.
وفي هذا الحديثِ يَحُثُّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المسلِمين على الصُّلْحِ بين المُتخاصِمينَ، فيقول: «الصُّلْحُ جائزٌ بين المسلِمين»، وخصَّ المسلِمين في الحديثِ؛ اهتمامًا بشأنِهم، «إلَّا صُلْحًا أحَلَّ حرامًا، أو حرَّمَ حلالًا»، أي: يُستثنى من الصُّلحِ الجائِزِ أنْ يَشتمِلَ على تحليلِ مُحَرَّمٍ؛ كأنْ يُصالِحَ المرءُ على أكْلِ مالٍ لا يحِلُّ له، أو زيادةٍ رِبويَّةٍ على الدَّينِ، وكذلك لا يجوز الصُّلحُ إذا اشتَمَلَ على تحريمِ حلالٍ؛ كأنْ يُصالِحَ الزَّوجُ زَوجتَه على ألَّا يَبيتَ عِندَ زَوجتِه الأُخرى.
ثمَّ قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «المسلِمون على شُروطِهم»، أي: ثابِتونَ على الشُّروطِ الجائزةِ شَرْعًا التي تَقَعُ بينهم؛ فيُوفون بها ولا يَرجِعون عنها؛ لأنَّ هذا من الوفاءِ بالعُقودِ الذي أمَرَ اللهُ به، وأمَّا الشُّروطُ الفاسدةُ أو غيرُ الجائزة شرعًا؛ فلا يُوفَى بها.