باب ما يتقى من محقرات الذنوب

بطاقات دعوية

باب ما يتقى من محقرات الذنوب

 عن أنس رضي الله عنه قال: إنكم لتعملون أعمالا هي أدق في أعينكم من الشعر، إن كنا نعد (28) على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - الموبقات (29).
قال أبو عبد الله: يعني بذلك المهلكات.

أمْرُ المُؤمِن بيْن الرَّجاءِ والخَوفِ، ومع ذلك فهو يَزِنُ أعمالَه ويُقَدِّرُها بمقاييسِ الشَّرعِ، والخَوفُ يَستلزِمُ الرَّجاءَ، ولوْلا ذلك لَكان قُنوطًا ويَأسًا، والرَّجاءُ يَستلزِمُ الخَوفَ، ولوْلا ذلك لَكان أمنًا واتِّكالًا، والرَّجاءُ والخَوفُ النَّافِعانِ هما ما اقتَرَن بهما العَمَلُ.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ أنَسٌ رضِي الله عنه لجالِسِيه من التابعينَ: «إنَّكم لَتعمَلون أعمالًا» وتستَصغِرونها، وتعتَبِرونَها أَدَقَّ وأحقَر وأهوَن في أعيُنِكم مِن الشَّعَرِ، وكنَّا -صحابةَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- نَعُدُّ هذه الأعمالَ على عهْدِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وفي زَمَنِه وأيَّامِه؛ مِن المُوبِقاتِ التي تكونُ سَبَبًا يومَ القيامةِ في هلاكِ صاحِبِها، وينالُه منها عذابُ اللهِ وعِقابُه؛ وذلك أنَّ المحَقَّراتِ إذا كَثُرت صارت كبائِرَ؛ للإصرارِ عليها، وقد كان الصَّحابةُ رَضِيَ اللهُ عنهم يَعُدُّون الصَّغائِرَ مِنَ المُوبقاتِ لشِدَّةِ خَشيَتِهم لله عزَّ وجَلَّ.
وفي الحَديثِ: دَعوةٌ لاجتنابِ فِعلِ مُحقَّراتِ وصَغائرِ الذُّنوبِ؛ لأنَّها مُهلِكةٌ.
وفيه: عَدمُ الاستهانةِ بالذَّنْبِ.
وفيه: كَمالُ مُراقَبةِ الصَّحابةِ رضِيَ اللهُ عنهم للهِ عزَّ وجلَّ، وكَمالُ استِحيائِهم منه.