باب ما يجزئ الأمي والأعجمي من القراءة
حدثنا وهب بن بقية، أخبرنا خالد، عن حميد الأعرج، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نقرأ القرآن وفينا الأعرابي والأعجمي، فقال: «اقرءوا فكل حسن وسيجيء أقوام يقيمونه كما يقام القدح يتعجلونه ولا يتأجلونه»
القرآن الكريم هو كلام الله، أنزله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم لهداية الخلق في الدنيا، ولنجاتهم في الآخرة؛ فهو الصراط المستقيم، والحبل القويم، من تمسك به عصم من الشيطان الرجيم؛ فينبغي للعبد أن يطلب به ثواب الآخرة ولا يأكل به في الدنيا
وفي هذا الحديث يقول جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: "خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نقرأ القرآن، وفينا"، أي: في جماعة الصحابة الموجودين، "الأعرابي"، وهو البدوي الذي يسكن البادية، "والأعجمي" الذي ليس من العرب، وفي حديث آخر: "وفيكم الأحمر"، وهم العجم، وفيكم "الأبيض"، والمراد بهم أهل فارس، وفيكم "الأسود" يعني: العرب.
وفي رواية: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما رآهم على هذه الحال قال: "الحمد لله؛ كتاب الله واحد"، أي: كتاب الله القرآن واحد، ويقرؤه الجميع على اختلاف أجناسهم، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم: "اقرؤوا"، أي: القرآن كما تقرؤون، "فكل"، أي: فقراءة كلكم، "حسن"، أي: حسنة، حتى قراءة الأعرابي والأعجمي، وإن كانت الألفاظ غير مستقيمة، ولكنها معتبرة عند الله، ويثابون عليها
ثم قال صلى الله عليه وسلم: "وسيجيء" بعد ذلك "أقوام يقيمونه"، أي: يجتهدون ويبالغون في عمل قراءة القرآن؛ من إصلاح الألفاظ ومراعاة الصفات والقواعد، "كما يقام القدح" وهو جسم السهم المستوي قبل أن يراش وينصل، "يتعجلونه"، أي: يؤثرون العاجلة- وهي الدنيا- على الآجلة- وهي الآخرة- فيطلبون ثواب الدنيا، "ولا يتأجلونه"، أي: لا يطلبون الأجر في الآخرة
وفي الحديث: تيسير الله تعالى القرآن لعباده
وفيه: اهتمام الصحابة رضي الله عنهم بكتاب الله تعالى.