باب ما يستفتح به الصلاة من الدعاء
حدثنا القعنبي، عن مالك، قال: لا بأس بالدعاء في الصلاة في أوله وأوسطه وفي آخره في الفريضة وغيرها
( اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ ) تَخْصِيصُ هَؤُلَاءِ بِالْإِضَافَةِ مَعَ أَنَّهُ تَعَالَى رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ لِتَشْرِيفِهِمْ وَتَفْضِيلِهِمْ عَلَى غَيْرِهِمْ . قَالَ ابْنُ حَجَرٍ الْمَكِّيُّ : كَأَنَّهُ قَدَّمَ جِبْرِيلَ لِأَنَّهُ أَمِينُ الْكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ ، فَسَائِرُ الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ رَاجِعَةٌ إِلَيْهِ وَأَخَّرَ إِسْرَافِيلَ لِأَنَّهُ أَمِينُ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ وَالصُّورِ ، فَإِلَيْهِ أَمْرُ الْمَعَاشِ وَالْمَعَادِ . وَوَسَّطَ مِيكَائِيلَ لِأَنَّهُ أَخَذَ بِطَرَفٍ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا لِأَنَّهُ أَمِينُ الْفِطْرِ وَالنَّبَاتِ وَنَحْوَهُمَا مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْأَرْزَاقِ الْمُقَوِّمَةِ لِلدِّينِ وَالدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَهُمَا أَفْضَلُ مِنْ مِيكَائِيلَ وَفِي الْأَفْضَلِ مِنْهُمَا خِلَافٌ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ ( فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ ) أَيْ مُبْدِعَهُمَا وَمُخْتَرِعَهُمَا ( عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ) أَيْ بِمَا غَابَ وَظَهَرَ عِنْدَ غَيْرِهِ ( أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ ) يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِالتَّمْيِيزِ بَيْنَ الْمُحِقِّ وَالْمُبْطِلِ بِالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ ( فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ) مِنْ أَمْرِ الدِّينِ فِي أَيَّامِ الدُّنْيَا ( لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ ) مِنْ بَيَانٍ لِمَا ( بِإِذْنِكَ ) أَيْ بِتَوْفِيقِكَ وَتَيْسِيرِكَ ( إِنَّكَ أَنْتَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ مُتَضَمِّنَةٌ لِلتَّعْلِيلِ . قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ
( أَبُو نُوحٍ قُرَّادُ ) هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَزْوَانَ الْحَرَّانِيُّ أَبُو نُوحٍ قُرَّادُ عَنْ عَوْفٍ الْأَعْرَابِيِّ وَيُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ وَعَنْهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ وَثَّقَهُ ابْنُ الْمَدِينِيِّ ( قَالَ مَالِكٌ لَا بَأْسَ بِالدُّعَاءِ فِي الصَّلَاةِ إِلَخْ ) هَذَا نَصٌّ صَرِيحٌ مِنِ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ عَلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ عِنْدَهُ بِقِرَاءَةِ دُعَاءِ الِاسْتِفْتَاحِ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ لَكِنِ الْمَشْهُورُ عَنْهُ خِلَافُهُ . قَالَ الْحَافِظُ تَحْتَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْكُتُ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَبَيْنَ الْقِرَاءَةِ إِسْكَاتَةً الْحَدِيثَ وَاسْتُدِلَّ بِالْحَدِيثِ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الدُّعَاءِ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ خِلَافًا لِلْمَشْهُورِ عَنْ مَالِكٍ انْتَهَى