باب ما يقول الرجل إذا ركب

باب ما يقول الرجل إذا ركب

حدثنا مسدد حدثنا أبو الأحوص حدثنا أبو إسحاق الهمدانى عن على بن ربيعة قال شهدت عليا - رضى الله عنه - وأتى بدابة ليركبها فلما وضع رجله فى الركاب قال بسم الله فلما استوى على ظهرها قال الحمد لله ثم قال (سبحان الذى سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون) ثم قال الحمد لله. ثلاث مرات. ثم قال الله أكبر. ثلاث مرات ثم قال سبحانك إنى ظلمت نفسى فاغفر لى فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. ثم ضحك فقيل يا أمير المؤمنين من أى شىء ضحكت قال رأيت النبى -صلى الله عليه وسلم- فعل كما فعلت ثم ضحك فقلت يا رسول الله من أى شىء ضحكت قال « إن ربك يعجب من عبده إذا قال اغفر لى ذنوبى يعلم أنه لا يغفر الذنوب غيرى ».ِِ

كان الصَّحابةُ رِضوانُ اللهِ عليهم يَحرِصونَ على اتباعِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم والاهتداءِ بهَدْيِه في كلِّ شُؤونِه، حتَّى إنَّ أحَدَهُم كان يَتَّبِعُه في حَركاتِه وسكَناتِه، وفي ذلك أنَّ عليَّ بنَ أبي طالبٍ رَضِيَ اللهُ عنه أُتِي له بدابَّةٍ ليَرْكَبَها، فلمَّا أنْ "وَضَع رِجْلَه في الرِّكابِوالرِّكابُ: مَدْخلُ القَدَمِ مِنْ سَرْجِ الدَّابَّةِ يُعينُه على امْتِطائِها ورُكوبِها، قال عليٌّ: "بِسْمِ اللهِ"، أي: مُستَعينًا باللهِ على رُكوبِها، "فلمَّا اسْتوى"، أي: اسْتقرَّ، على ظَهْرِها "قال: الحمدُ للهِ، ثمَّ قال" دُعاءَ رُكوبِ الدَّابَّةِ: "سُبْحانَ الَّذي سَخَّرَ لنا هذا"، أي: ذَلَّلَ لنا تلك الدَّوابَّ لُرُكوبِها، "وما كُنَّا له مُقْرِنينَ"، أي: مُطيقينَ وقادِرينَ على اسْتِعمالِه لولا تَسخيرُ اللهِ عزَّ وجلَّ إيَّاهُ لنا، "وإنَّا إلى ربِّنا لَمُنقلِبونَ"، أي: راجعونَ إليه، ثمَّ حَمِدَ اللهَ ثلاثًا، ثمَّ كبَّر اللهَ ثلاثًا، ويقولُها ثلاثًا؛ إشعارًا بعِظَمِ جلالِ اللهِ سُبْحانَه، "ثمَّ قال: سُبْحانَكَ إنِّي ظَلَمْتُ نَفْسي"، أي: بما فَعَلتُ من ذنوبٍ؛ "فاغْفِرْ لي؛ فإنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنوبَ إلَّا أنتَ، ثمَّ ضَحِكَ" عليٌّ رَضِيَ اللهُ عنه، فقيل له: "مِن أيِّ شيءٍ ضَحِكتَ؟"، فقال عليٌّ رَضِيَ اللهُ عنه: "رأيتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فَعَلَ كما فعلتُ"، أي: مِنْ ركوبِه للدَّابَّةِ وحَمْدِه للهِ وتَكْبيرِه ودُعائِه، "ثمَّ ضَحِكَ"، فسأل عليٌّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "يا رسولَ اللهِ، مِن أيِّ شيءٍ ضَحِكتَ؟" فأجابَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قائلًا: "إنَّ ربَّكَ يَعْجَبُ مِنْ عَبْدِه، إذا قال: اغْفِرْ لي ذُنوبي، يَعْلَمُ"، أي: العَبدُ، "أنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنوبَ غيري"، فاسْتَوجَبَ ذلك ضَحِكَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وسُرورَه؛ لبُلوغِ العَبْدِ عَجَبَ اللهِ عزَّ وجلَّ منه
وفي الحديثِ: بيانٌ لأهمِّيَّةِ استِغْفارِ اللهِ عزَّ وجلَّ
وفيه: فيه إثباتُ صِفةِ العَجَب للهِ عزَّ وجلَّ، وهو عَجبٌ يليقُ بذاتِه وكمالِه وجلالِه سبحانَه، وليس كعجبِ المخلوقين